الهوية الرقمية

الهوية الرقمية
المصطفى شقرون 06 أكتوبر 2024

يُعتبر موضوع الهوية الرقمية من المواضيع الراهنة التي تتشابك فيها معاني الحقيقة والوهم، لما تحمله من أبعاد تؤثر على الفرد والمجتمع. 
تتجلى إشكالية الهوية الرقمية في كونها صنيعة التكنولوجيا الحديثة التي تسهم بشكل متزايد في تشكيل تصوراتنا عن الذات والآخرين. فالبعض يستخدمها كوسيلة للتعبير عن جوانب من حياتهم لا يجرؤون على إبرازها في الواقع، بينما يراها آخرون أداةً لتزييف الهوية الحقيقية وتضليل المجتمع بمواقف مزيفة ومصطنعة.
في العصر الرقمي، أصبح من السهل تشكيل "هوية رقمية" تعكس مواقف أو توجهات قد لا تتطابق بالضرورة مع الهوية الحقيقية للشخص. يمكن أن يتخفى الأفراد وراء شاشاتهم ويخلقون شخصيات غير واقعية، ما يؤدي إلى حدوث انفصام بين الذات الواقعية والهوية الرقمية. هذه الهوية المفترضة قد تؤدي إلى تزييف الواقع، حيث يظهر الأفراد بصفات أو مواقف ليست جزءًا من حقيقتهم الفعلية.
من جهة أخرى، الهوية الرقمية تمثل مساحة واسعة للتعبير عن الذات وتحريرها من القيود المجتمعية. فهي تتيح للأفراد بناء صورة عن أنفسهم أكثر حرية وقدرة على التفاعل مع مجتمع عالمي. ومع ذلك، هذا التحرر لا يخلو من مخاطر، حيث قد يضلل الشخص نفسه والآخرين، وقد يتبنى أفكارًا أو مواقف مؤقتة لمجرد مواكبة تيارات معينة.
يمكننا القول إن الهوية الرقمية تثير تساؤلات حول أصالة الهوية الفردية في العصر الرقمي. فالتفاعل الرقمي قد يسهم في تعزيز الفردية والحرية الشخصية، لكنه في الوقت ذاته قد يُغرق الهوية الحقيقية في بحر من الوهم والمظاهر الزائفة. الحل يكمن في تعزيز وعي الأفراد بالحدود بين ما هو واقعي وما هو افتراضي، وبين الصورة التي يعرضونها على الشبكات الاجتماعية وما يمثله جوهرهم الحقيقي.

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا