الملك يحث على تكثيف الديبلوماسية الموازية بعد اعتراف قوى عظمى بمغربية الصحراء

وفق لمقتضيات الفصل 65 من دستور 2011، يفتتح عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس كل دورة خريفية للبرلمان، والتي تبرمج في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر من كل سنة. ويتزامن افتتاح الدورة الخريفية للسنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، لهذه السنة مع الحادي عشر من أكتوبر الحالي.
تضمن الخطاب الملكي ثلاث رسائل مهمة، وكلها مرتبطة بملف الصحراء المغربية. إذ أن قراءة تحليلية للخطاب الملكي يبين محورية قضية الصحراء المغربية. صحيح أن ملف الصحراء هو القضية الوطنية الأولى التي ترد في عدة خطب ملكية وفي عدة مناسبات، وتخصيص افتتاح الدورة التشريعية الحالية لقضية الصحراء، يقتضي أولا الإشارة للسياق العام والظرفية التي جعلت من موضوع الصحراء المغربية الموضوع الأهم والذي شكل محور الخطاب الملكي.
عرف ملف الصحراء المغربية محطات عدة منذ افتعال النزاع إلى اليوم، وقد نجحت الدبلوماسية المغربية في الدفع بهذا الملف نحو الحل، ومع كل نجاح يحاول خصوم الوحدة الترابية بالتشويش في محاولة لإبقاء النزاع قائما. فكان آخر التطورات هو قرار محكمة الاتحاد الأوروبي ببطلان الاتفاق التجاري بين بروكسيل والرباط في 4 من أكتوبر الجاري. وإن كان القرار هو يهم الدول الأوربية كما صرح ذلك وزير الخارجية المغربي السيد ناصر بوريطة عقب هذا القرار، وأن الدول الاوربية هي من يجب عليها إيجاد الحل لاستمرار العلاقات التجارية مع المغرب. خاصة وأنها تربطها والمغرب علاقات اقتصادية مهمة. وللإشارة فإن 19 دولة أوروبية تعترف بواقعية المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي للمناطق الجنوبية تحت السيادة المغربية.
تفاعلا مع الظرفية الحالية والتطورات الأخيرة في ملف الصحراء، فرضت تذكير عاهل البلاد للبرلمان ومن خلاله لكل الهيئات والمؤسسات والمواطنين بتطورات الملف، وبضرورة انخراط الجميع بالمزيد من التعبئة واليقظة، لمواصلة تعزيز موقف المملكة الثابت والمتمثل في عدالة قضيتنا الوطنية ومغربية صحراءنا، خاصة وأن خصوم الوحدة الترابية للمملكة في سعي دائم لخلق مناورات كلما نجح المغرب في تحقيق مكاسب إيجابية في الملف. وبذلك تكون الرسالة الأولى موجهة لمختلف الهيئات الوطنية الرسمية والحزبية والوطنية وعموم المواطنين للدفاع عن قضية مغربية الصحراء. وأكد جلالته من خلال الخطاب على " المزيد من التنسيق بين مجلسي البرلمان بهذا الخصوص، ووضع هياكل داخلية ملائمة، بموارد بشرية مؤهلة، مع اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص، في اختيار الوفود، سواء في اللقاءات الثنائية، أو في المحافل الجهوية والدولية".
أكثر ما يميز الوضع الحالي هو اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، وهو تتويج للدبلوماسية المغربية التي نجحت في تأييد فرنسا لمقترح الحكم الذاتي للمناطق الجنوبية تحت السيادة الوطنية المغربية، وبأنه الحل الوحيد لإنهاء النزاع، وبأنها عازمة على التحرك انسجاما مع موقفها وطنيا ودوليا.
وللإشارة فإن هذا الاعتراف جاء بعد تشنج في العلاقات البينية بين البلدين، فكان على فرنسا أن تنهي موقف الحياد، إلى تحديد موقفها. وتزامُن إعلان رئيس الدولة الفرنسية السيد ماكرون بموقف فرنسا الإيجابي مع الاحتفال بالذكرى 25 من اعتلاء جلالة الملك محمد السادس للعرش، أمر له دلالة ورمزية مهمة تأكد على تمتين وتثمين العلاقات البينية بين الدولتين. فكانت الرسالة الثانية لصاحب الجلالة من خطاب 11 أكتوبر، هو توجيه رسالة شكر لرئيس الدولة الفرنسية لدعمه الصريح لمغربية الصحراء.
تضمن الخطاب الملكي أيضا شكر لدولة اسبانيا الصديقة، وموقفها الإيجابي من قضيتنا الوطنية. خاصة وكما جاء في الخطاب الملكي" بما يحمله موقفها من دلالات سياسية وتاريخية عميقة"، حيث أن إسبانيا وفرنسا يعرفان جيدا خبايا ملف الصحراء وخلفيات هذا النزاع الإقليمي. هذا بالإضافة إلى التذكير بنجاح الدبلوماسية الوطنية بكسب اعتراف دول وازنة ودائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا.
كما وجه صاحب الجلالة من خلال هذا الخطاب رسائل شكر لكل الدول الصديقة التي تدعم موقف المغرب ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، سواء منها الدول العربية أو من القارة الافريقية أو من أوروبا. وإلى كل الدول التي تتعامل اقتصاديا واستثماريا، مع الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني. وهي الرسالة الثالثة التي تضمنها الخطاب الملكي والتي مفادها أن العلاقات الاقتصادية المغربية لابد أن تشمل كل التراب الوطني بما فيه الأقاليم الصحراوية المغربية.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس