دي ميستورا يكرس فشله الذريع في مهامه الأممية باقتراحه تقسيم الصحراء

عرض المبعوث الأممي إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا على مجلس الأمن الدولي، خلال الجلسة المغلقة التي عقدت، يوم الأربعاء 16 أكتوبر الجاري، مشروعا يهدف الى تقسيم المنطقة المتنازع عليها بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، المدعومة كليا من طرف حكام الجزائر.
خلال هذه الجلسة المغلقة، قال المبعوث الأممي:" قد قمتُ، بسريّة تامّة، باستئناف وإعادة إحياء مفهوم تقسيم الإقليم مع جميع الأطراف المعنية، وان مشروع التقسيم من شأنه أن يتيح إنشاء دولة مستقلة للبوليساريو في الشطر الجنوبي، ودمج بقية الإقليم في الشمال كجزء من المغرب، ويتم الاعتراف بسيادته عليه دوليا". معترفا ، " ان هذا المشروع يبدو انه مرفوض من طرفي النزاع، فلا الرباط ولا جبهة البوليساريو أبدتا أدنى مؤشر على استعداد أيّ منهما للمضي قدما في التباحث بشأن هذا المقترح". مبديا أسفه لهذا الأمر. هذه تصريحات لم تنشر علنا، لكنّها وردت في محضر الجلسة حسب تقرير صحفي لوكالة الانباء الفرنسية.
المبعوث الاممي دي ميستورا لم يأت بجديد يحرك الملف نحو تسوية فعلية تنهي النزاع المفتعل، بل ان مقترحه الفاشل الذي تفتقت "عبقريته" عليه بعد ثلاث سنوات على تعيينه ممثلا للأمين العام بالصحراء ، سبقه اليه المبعوث الأسبق، الأمريكي جيمس بيكر سنة 2001، ووسمه ب"الحل الثالث "، وتبناه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان الذي عرضه على انظار مجلس الامن الدولي يوم 19 فبراير 2002، ولقي ترحيبا من قادة طغمة الانفصال وأولياء نعمتهم في الجزائر، بالمقابل ووجه بالرفض القاطع من المملكة المغربية.
المتفحص لأرشيف السجل الانتدابي لدي ميستورا )من مواليد 25 يناير 1947) يكتشف ان الديبلوماسي السويدي-الإيطالي راكم الفشل الذريع في كل الوساطات الأممية التي انيطت به، بداية من ادارته لمكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولمركز الأمم المتحدة للإعلام في روما سنتي 2000 و2001، وتمثيله للأمين العام للأمم المتحدة بجنوب لبنان من عام 2001 الى 2004، وفي العراق ما بين 2007 و 2009 ، وبأفغانستان سنتي 2010 و2011 ، كما سيستحضر اخفاقه في سوريا التي عين بها مبعوثا خاصا للأمين العام خلفًا للديبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، حيث قضى بهذا المنصب خمس سنوات عجاف ، من 2014 إلى 2019 ، قبل ان يقدم استقالته طواعية، بعد عجزه التام عن إيجاد الحل المناسب لإيقاف الحرب التي مازالت دائرة رحاها الى اليوم بين الاشقاء في القطر الشامي، ناهيك عن المهام الذي كلف بها في رواندا، الصومال، السودان ويوغوسلافيا السابقة والتي باءت جميعها بالفشل .
يعتبر المشروع الذي تقدم به دي ميستورا ميتا من أساسه، لان اجماع الامة المغربية على حق المملكة الشرعي في الصحراء امر لا تتناطح عليه عنزتان، وتؤكده الوثائق التاريخية والواقع الجغرافي والحقيقة الثابتة على الارض، وقد تعزز موقف المغرب الذي اصبح في موقع قوة، بعد قرار اسبانيا التي استعمرت المنطقة لأزيد من قرن من الزمن، وتحتفظ خزانتها بوثائق ثبوتية تؤكد العلاقة التي تجمع ساكنة الصحراء بالمملكة المغربية ووطنها الام، وفرنسا التي استعمرت المغرب لقرابة نصف قرن وتعي جيدا الروابط المتينة بين ملوك المغرب وساكنة الصحراء، هذا فضلا عن اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بمغربية الصحراء، واقرارها النهائي بسيادة المغرب المشروعة على أراضيه، ناهيك عن الدول التي تؤيد ذلك بما لا يدع مجالا للشك، والتي افتتحت قنصليات لها بالداخلة حاضرة وادي الذهب ، وعيون الساقية الحمراء كبرى مدن الصحراء .
هرطقات المبعوث الاممي الأخيرة التي تنم على ان الرجل قد أصابه الخرف في خريف العمر، لن تجد لها صدى في أي مكان، بعد اعتراف نصف دول العالم، من بينها قوى عظمى لها وزن ثقيل في المحافل الدولية، والسبيل الأوحد الذي من شأنه ان يطوي هذا الملف نهائيا هي مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة التي تقدم بها المغرب عام 2007، والتي اعتبرت عملية ووجيهه و قابلة للتطبيق على ارض الواقع، لكونها تحفظ ماء وجه إخواننا المحتجزين في حمادة تندوف، رغم انها تواجه بالرفض من طرف قادة الرابوني المدعومين سياسيا وديبلوماسيا وعسكريا ولوجيستيا من طرف كابرنات الجيش الوطني، المتحكمين الفعليين في قرارات قصر المرادية، ليقينهم ان انهاء النزاع من شانه تكسير الشماعة التي يعلقون عليها اخفاقاتهم في تدبير الشأن العام لأشقائنا الجزائريين، وبالتالي سيعجل بتحطيم القبضة الحديدة التي يدبرون بها الحكم في الجارة الشرقية، وسيرمون في النهاية الى مزبلة التاريخ.
دي ميستورا الذي عين ممثلا للأمين العام بالصحراء المغربية، في 6 أكتوبر 2021، " أي منذ ما يربو عن ثلاث سنوات بالتمام والكمال،" حل خلالها بالمنطقة عشرات المرات، وعقد عدة لقاءات مع مختلف أطراف النزاع، مقحما جنوب افريقيا المعادية لوحدتنا الترابية عنوة في الملف، بزيارته لها دون سابق انذار ولا تعليل مقنع، لم ينجح ولو في اقناع الخصوم بالرجوع الى مائدة الحوار ولا في إيجاد حل لنزاع طال امده لقرابة نصف قرن، وعليه، فقد آن الأوان لإلقاء المنديل فوق الحلبة إعلانا بفشله، والأفضل له الان تقديم استقالته من مهمة اكبر منه ومن مؤهلاته الديبلوماسية خير من دحره من النافذة ورمي الإقالة في وجهه.
فرغم موقع المغرب القوي في هذه القضية، فان المملكة لا تأل جهدا، ولا تذخر سعيا، لإيجاد حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين يسمح لأبناء الصحراء بالاندماج في وطنهم، والمساهمة في تنميته وازدهاره، بعيدا عن المساومات والاطماع الخارجية، ولنا فيما تعيشه الأقاليم الجنوبية المسترجعة من طفرة ونماء ورخاء، وما ترفل فيه ساكنتها من حرية وامن وامان النموذج الحي.
خلاصة القول، المغرب في صحراءه والصحراء في مغربها، وهو واقع يتمسك به كل المغاربة بمختلف شرائحهم، مما يشكل اجماعا وطنيا غير قابل للمساومة.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس