سقطت جميع الأقنعة

حين تذوب المساحيق، وتسقط الأقنعة تظهر الوجوه على حقيقتها الطبيعية، بقبحها وبشاعتها، تلك ما كشفت عنه صيرورة الاحداث وتعاقبها لدى حكام قصر المرادية، بعد صحوة ضمير عدد من الدول لتعود الى جادة الصواب وتعترف عن قناعة لا لبس فيها بالحق المشروع للمملكة المغربية في الأراضي الصحراوية التي ظلت ترزخ تحت نير الاستعمار الاسباني لأزيد من قرن من الزمن.
قررت فرنسا افتتاح قنصلية لها في عيون الساقية الحمراء، أسوة بعدد كبير من الدول التي اتخذت نفس القرار بعد اقتناعها بشرعية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وافتضاح إفك الانفصال، الشي الذي أصاب حكام جارة السوء بالسعار، وأفقدهم السيطرة على الأعصاب، فجندوا أبواق دعايتهم لكيل وابل من التهم لولية نعمتهم فرنسا، صاحبة الفضل الكبير في تواجد دولة اسمها الجزائر على الخارطة بعد ان كانت ولزمن طويل مجرد إيالة من أيلات الدولة العثمانية في زمن عزها.
قرار مثل هذا يؤكد موقف باريس التابث من قضية الصحراء المغربية والذي أعلنت عنه صراحة في نهاية شهر يوليوز الماضي، وأكده رئيسها مانويل ماكرون خلال زيارة الدولة التي قام بها للمغرب في شهر أكتوبر الماضي، وزكاها التصريح الأخير لجيرار لارشيه رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، خلال زيارته لمدينة العيون.
واعتبر لارشيه الذي يشغل المنصب الثاني في هرم السلطة الفرنسية بعد رئيس الجمهورية أن الأقاليم الجنوبية للمملكة جزء لا يتجزأ من الأراضي المغربية، وهو تعبير تأكيدي عن موقف فرنسا الثابت في دعم السيادة المغربية على الصحراء، مما يشكل خطوة جديدة في تعزيز العلاقات بين باريس والرباط، في وقت يشهد فيه الوضع السياسي الدولي تطورات متسارعة.
المسؤول الفرنسي أجهر بالقول أمام حشد من المسؤولين والمنتخبين والأعيان بقلب الصحراء المغربية، إن قرار فتح قنصلية لبلاده في عاصمة الأقاليم الجنوبية يأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين فرنسا والمغرب، وتأكيداً على دعم فرنسا الثابت لمغربية الصحراء، ويمثل خطوة مهمة نحو تكريس الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على اراضيه.
واعتبر تصريح جيرار لارشيه الذي أشار فيه الى تفهم فرنسا الجيد لتطلعات المغرب، واحترامها لحقوقه في سيادته على كامل ترابه، من جهة ، خطوة تمثل دعماً كبيراً للمملكة ويشكل إشارة قوية إلى المجتمع الدولي بضرورة احترام وحدة الدول، ومن جهة ثانية، جاء كصفعة قوية موجعة لحكام قصر المرادية الشيء الذي ستتفاقم معه عزلة الجزائر دوليا فيما يتعلق بملف هذه القضية التي اختلقتها قبل نصف قرن في السراديب المظلمة لاستخباراتها، وتبناها قادتها سياسيا، عسكريا ، ديبلوماسيا ولوجيستيا، منذ عهد بوخروبة الذي طمأن الملك الراحل الحسن الثاني في لقاء ثلاثي جمعهما بالرئيس الموريتاني الأسبق المختار ولد دادة في إفران واكادير، بأن لا مطامع للجزائر في الصحراء، وهو الوعد الذي نكته بعد شهور قليلة من اجلاء المستعمر الاسباني عن الصحراء، إثر صدور القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بلاهاي، وانطلاق المسيرة الخضراء.
ما تروج له الجزائر من بروباغاندا بكونها غير معنية بالصراع في الصحراء، وان اهتمامها بالموضوع لا يتعدى مساندتها لتحرير الشعوب ومناهضتها للاستعمار، وهي شعارات جوفاء كاذبة، وادعاءات تفندها مواقفها الفعلية على الأرض وفي المحافل الدولية ، فهي لا تال جهدا ولا تذخر سعيا لوضع حصاة في حذاء جارها المغرب للحيلولة دون تقدمه، بغاية إضعافه وقطع الطريق عنه للتواصل مع عمقه الإفريقي الذي تربطه بدوله وشعوبه أواصر تاريخية قوية، ولن تستطيع أي قوة مهما عظم شأنها انفصام عروتها، هذا فضلا عن مطامعها بشأن الحصول على امتداد ترابي نحو المحيط الأطلسي.
إن قضية الصحراء الذي اختلقتها الجزائر وصرفت عليها ملايير الدولارات من أموال الشعب الجزائري المغلوب على امره، وهي مبالغ كفيلة بان تغير كليا وجه الجزائر، وتوفر العيش الرغيد لمواطنيها الذي يرزخ اغلبيته تحت وطأة الفقر المدقع، في غياب ابسط شروط العيش الكريم.
موقف فرنسا الأخير أعاد خلط الأوراق وأرجع الأمور إلى نصابها، وهو اعتراف واضح بالحق المشروع للمملكة في وحدة أراضيها التي ظل سكانها على مدى اثني عشر قرنا، هو عمر الدولة المغربية يدينون بالولاء لسلاطينهم ، ويعتبرون انفسهم جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي، – الموقف – أثار غضب الاسم السيئ الذكر وحاشيته من القادة الشيوخ الذين عمروا طويلا على رأس جيش سمي تجاوزا بالوطني، وأسقط الأقنعة عن الوجوه البشعة لتجار المعاناة، ممن اغتنوا من مآسي آلاف الأبرياء الذين ساقهم حظهم العاثر ليعيشوا في مخيمات الذل والعار، ويتحولون الى وسيلة لاستجداء المساعدات الغذائية من المنظمات الإنسانية الدولية.
إن تزايد عدد الدول التي سحبت اعترافها بجمهورية الوهم - التي جعلت من رمال الرابوني المتحركة عاصمة لها -، وتوالي اعترافات الدول بمغربية الصحراء وافتتاح تمثيليات قنصلية لها في العيون والداخلة، زاد من عزلة الجزائر التي بدا اقتصادها يتهاوى من وزر تحمل تكاليف استمرار تواجد جبهة البوليساريو الانفصالية ومتطلبات الحياة لآلف المحتجزين على ترابها، رغم مداخيلها الغزيرة من الغاز والبترول وغيرهما من الثروات الطبيعية التي تهدر لغايات توسعية خدمة لأطماع مستثيرة ترمي الى الاستحواذ على أملاك الغير وتسويق الوهم مقابل إغداق ملايين الدولات للترويج لأطروحتها، كان الأولى ان تصرف لسد حاجيات المواطن الجزائري .
لقد اسقطت وكالة الاستخبارات الامريكية بنشرها لوثائق سرية ، الأقنعه عن الوجه الذميم لحكام الجزائر ومن يسير في فلكهم ، حيث كشفت المعلومات الواردة في تلك الوثائق الأهداف الحقيقة وراء اختلاق الصراع بالصحراء المغربية، وتبني أطروحة تقرير المصير باستقطاب شرذمة من الشباب والتغرير بهم مستغلة ظرفية تنامي المد الشيوعي في سبعينيات القرن الماضي لترسيخ إيديولوجية واجهتها التحرر والانعتاق ، وجوهرها مطامع توسعية بغاية السيطرة على جزء من الشريط الساحلي على المحيط الأطلسي.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس