قبائل الشياظمة حضن شرفاء ركراكة

قبائل الشياظمة حضن شرفاء ركراكة
محمد صالح اكليم 27 أبريل 2024

الشياظمة هي منطقة عربية تتوزع بين إقليمي الصويرة واسفي وتمتد على الشريط الساحلي من حاضرة المحيط الى مشارف سوس، في أواخر السهول الأطلسية، يحدها من الشمال قبيلة عبدة، ومن الجنوب قبائل حاحا، ومن الشرق بلاد أحمر، والحوز، ومن الغرب المحيط الأطلسي.
وحسب ما جاء في نشرة الجمعية الجغرافية، المجلد 39، المنشورة سنة 1861م ، فان عدة قبائل عربية تتواجد على  أطراف وادي تانسيفت  من بينها الشياظمة…،  التي  تتنوع تضاريسها بين سهول وتلال، وتسكنها تسع قبائل من العرق العربي، منتجاتها الرئيسية هي زيت الأركان وزيت الزيتون والحبوب وجلود الماعز والجلبانة والخروب والقطاني بكل أنواعها  “.
يقول ابن منظور في لسان العرب حول أصل التسمية في معنى إسم {الشياظمة}: "إن لفظ (الشيظم) و (الشيظمي) يعني الطويل الجسم الفتي من الناس والخيل والإبل، والأنثى (شيظمة)"، وفي هذا يقول الشاعر عنترة :
والخَيْلُ تَقْتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً… ما بين شَيْظَمةٍ وأَجْرَدَ شَيْظَمِ.
ويعود ذكر مصطلح الشياظمة إلى ما بين القرن 14 والقرن 15 ميلادي، حيث نجد إشارة لقبيلة الشياظمة العربية في كتاب للمؤرخ البرتغالي دامياو د جويس فترة الاحتلال البرتغالي (منشور سنة 1566م)، المعنون ب "أعطي قصة عن أنجح شيء لدوم إيمانويل (ملك البرتغال آنداك) ، ففي سياق حديثه عن السواحل المغربية ناحية أسفي والصويرة كان المؤلف يميز بين الشياظمة العرب ، وبربر حاحة وعرب دكالة وعرب عبدة.
أصل قبائل الشياظمة
تعد الشياظمة اتحادية قبلية تضم مجموعة من القبائل المعقلية العربية والهلالية والسباعية الإدريسية (كالمعاشات)، يقول العلامة الكانوني في كتابه أسفي ماله وما إليه: " الشياظمة موطنهم على الضفة الجنوبية لوادي تانسيفت إلى مرسى الصويرة، وهي من العرب المضرية كقبيلة الحارث وغيرهم، وفيها من عرب بني معقل… “.
ويقول ليون الإفريقي في مؤلفه {تاريخ ووصف أفريقيا، الجزء الثالث}، النسخة الإنجليزية للأصلية: "الشياظمة أو أولاد شياظمة قبيلة من عرب بني هلال ".
أما صاحب الاستقصا (السلاوي الناصري) فيقول: "إن هذه المنطقة ظلت كلها قبل تعريبها لا تعرف إلا باسم ركراكة… ، أما فيما يرجع لأصل كلمة (الشياظمة) التي أصبحت علما على هذه المنطقة، فهو اسم عربي لهذه القبيلة المضرية التي جاءت إلى المغرب هي وقبيلة بني حارث وهم رهط من بني هلال ومع بعض عرب بني معقل الذين كانوا يتوافدون على هذه الناحية في العصر الموحدي… ".
أما الفقيه والعلامة المختار السوسي، فيقول أن اصل الشياظمة من بني هلال الأصيلي النسب، وهو ما أكده صاحب كتاب السيف المسلول فيمن أنكر على الرجراجيين صحبة الرسول، للقطب عبد الله بن محمد بن البشير المقدم الرجراجي السعيدي المصمودي بقوله:
" وأما العرب الذين زاحموا المصامدة في بلادهم كما في كتاب الاقنوم والترجمان المعرب فهم : عرب دكالة بنو هلال اولاد عمران، اولاد عمرو العونات، اولاد فرج، اولاد بوعزيز، اولاد اسبيطة، عبدة، أهل العامر، الشياظمة، اولاد ادليم، اولاد أبي السباع، المنابهة، اولاد امطاع، الرحامنة، السراغنة، زمران، الشبانات زرارة، عكارة، بنو مداسن..." 
وإن كان عرب المعقل وبني هلال يشكلون غالبية الشياظمة، وجب أن نشير إلى أنه يدخل أيضا في حلف الشياظمة عدد مهم من قبيلة الشرفاء أولاد أبي السباع النازحين من الصحراء لهذه لمنطقة، والحقيقة أن هناك شاهد عيان على هجرة فرقة من أولاد أبي السباع للشياظمة، وهو البحار الأمريكي روبرت آدامز)، الذي نشر مذكراته سنة 1816م، وكان مضمونها : " كان عرب أبو السباع الأكثر عددًا في الحدود الشمالية للصحراء، وكانو يمثلون حاجزًا أمام امتداد سيطرة إمبراطور المغرب في ذلك الاتجاه…، وأثناء الخلافات والحروب الأهلية التي اندلعت في البربر…، استغل حشد من هؤلاء العرب يبلغ قرابة سبعة آلاف رجل مسلح فرصة مبادلة صحرائهم القاحلة بمناطق أكثر خصوبة، فركبوا الخيول والإبل، وحملوا خيامهم وأسرهم معهم، ثم واصلوا مسيرتهم، مع معارضة قليلة أو معدومة، حتى وصلوا إلى محافظتي عبدة وشياظمة، اللتين تقعان بين أسفي وموغادور (الصويرة)، وقد عارضهما العرب هناك من تلك المقاطعتين، ومع ذلك انتصر أولاد أبو السباع، وتبع ذلك مذبحة مروعة لأعدائهم…، ثم استولوا على البلاد، حيث استقروا، وحافظوا على أنفسهم ضد كل معارضة ؛ وهم الآن يشكلون جزءًا من رعايا إمبراطور المغرب.
وإن هجرة عرب أولاد أبي السباع واستيطانهم بمنطقة الشياظمة جعلتهم في حلف مع قبائلها العرب، فقد جاء ذكر الشياظمة وأولاد أبي السباع كحلف كذلك في مراسلة القنصل الفرنسي في المغرب، أندريه تشينير، في رسالة مؤرخة ب 10 مارس 1777 م، وكان مضمونها: إن سلطان المغرب، علما منه برباطة جأش القبيلتين العربيتين (أولاد أبي السباع والشياظمة) منذ بعض الوقت لم يقرر مهاجمتهما … لقد أرسل أشخاصا ثقاة إلى هؤلاء العرب في محاولة لإعادتهم إلى الطاعة ".
تنقسم الشياظمة إلى منطقتين. يقع الجزء الغربي بين جبل رگراگة المقدس، وجبل حديد، والساحل الأطلسي المطل على المحيط الأطلسي. و تشتهر هذه المنطقة ببحارتها، ويقوم مزارعوها بتربية محاصيل الحدائق، مما يوفر للسوق المحلي الخضروات والفواكه والأسماك كما يتم فيها إنتاج زيت الزيتون والحبوب والماشية في منطقة القبلة الشرقية.
دور ركراكة
يحتفل الشياظمة سنويًا برحلة الحج التي تستمر 40 يومًا، وهو دور ركراكة، وذلك مع مطلع فصل الربيع. خلال هذه الأسابيع الستة، يزور الوافدون من زوار ومريدين سلسلة من الأضرحة المحلية من مصب نهر تانسيفت جنوب آسفي حيث مرقد سي احساين مول الباب " رتنانة" إلى الضواحي الشمالية لجبال الأطلس العليا، بما في ذلك مدينة الصويرة نفسها. يقودهم مجموعتان في رحلة ذهاب وإياب تتوقف عند كل ضريح في الطريق. يجب على مجموعة واحدة أن ضرب خيمة في كل مزار مصنوعة من ألياف نخيل المعجبين ومصبوغة بالحناء، وتصل المجموعة الأخرى في موكب يتقدمهم مقدم "ركراكة" ممتطيا صهوة حصانً أبيض.
خلال فترات الجفاف، هناك تقليد   معروف عند ركراكة وهي لاروزا "العروس في يوم زفافها"  و تسمى  عند المغاربة " تغنجة"،  يتم فيه رفع النساء والأطفال دمية ذات لون أبيض مزينة بأزهار بيضاء، تدعى (لعروسة شتى) وذلك استدرارا للغيث في زمن القحط والجفاف ، وهو تقليد متعارف عليه في كل ربوع المملكة المغربية .



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا