قراءة في معنى حرية الصحافة واصطلاح السلطة الرابعة

ثالث ماي مؤشر احصائي على مدى نسبة حرية الصحافة عالميا حسب هيئة الأمم المتحدة منذ 1993!! وهذه السنة احتل فيها المغرب الدرجة الخامسة على مستوى العالم العربي، والدرجة 129 عالميا!
بمعنى ان الإعلام المغربي يعيش على هامش كبير من الحرية، ولا ينازع حرية الصحافة في بلادنا الا عنان القلم!!؟ والحقيقة انه في وقتنا الراهن أصبحت المجتمعات الحديثة تعيش أقصى درجات الديمقراطية في مجال حرية التعبير، وان الإعلام لم تعد تتحكم فيه إيديولوجيات معينة، خاصة بعد ظهور تطبيقات تكنولوجية حديثة جد متطورة وجد فعالة للوصول إلى الحقيقة بكل شفافية وبحرية عالية، وفي وقت يقاس بطرف عين او اقل. وهذا ما يحيلنا على كثير من التساؤلات مفادها:
هل كل ما ذكرناه آنفا يدل فعلا على اننا نعيش هامشا كبيرا من الموضوعية؟ بمعنى، هل للصحافة حرية تذكر؟ وان كان الأمر كذلك، فكيف يتم الحصول على هذه الحرية؟ وبالتالي كيف يتم استخدام هذه الحرية؟ وماهو مقياس تناسبها مع الواقع المعاش دون أي تضييق او تشديد او ترصد؟
وما معنى أن الصحافة هي سلطة رابعة؟!!
وغيرها كثير من الأسئلة التي تظل عالقة بهذا الخصوص. ويمكن القول حسب تعريفات متعددة ومتجددة ان حرية الصحافة تعني في عمقها الحديث "وجوب مراعاة الحق في الممارسة الحرة في الحصول على المعلومة والاتصال والتعبير عن الرأي اعتبار الرأي الآخر ".
وحسب التعريف الابجدي فان حرية الصحافة تعني بوضوح تام: غياب التدخل المفرط للدولة، والتقليص من منع الحصول على المعلومة وحجبها عن الصحفي وبالتالي عن المجتمع ككل، وهو ما يسمى في التعبير المزاجي ب(شروق الشمس)، بحيث تحاول الحكومات تكييف المعلومة وتداولها حسب سياستها، في حين أن المبدأ العام هو أن يكون لكل فرد الحق في الحصول على المعلومة بطريقة حضارية، وان يكون له الحق في الرأي والتعبير.
لكن التضييق على مهنة الصحافة وصل أوجه خلال مراحل الحكومات البيروقراطية، بحيث لعبت المراقبة على الإعلام والصحافة درجات دنيئة، حتى تحول بين دور هذا الأخير المتمثل في تتبع علاقة المسؤولين بالمحكومين وفي قضايا المجتمع عامة، وفي التظاهرات والظروف الطارئة كالانتخابات والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. ومن أجل التصدي لهذه الممارسات أنشأت منظمة مراسلون بلا حدود وهي إطار تابع لهيئة الأمم المتحدة، مهمتها الأساسية انجاز تقرير سنوي حول مؤشر الاعتداءات والاغتيالات والاعتقالات التي تطال الصحفيين والصحفيات حول العالم.
وباختصار فان اكبر تجلي لحرية الصحافة وأوضح معيار لهذه الحرية هو الحق التام في ممارسة الصحافة الاستقصائية، هذا النوع الغائب مطلقا عن جميع انواع الصحافة الأخرى ببلادنا، مما يعني ان الإعلام لا يمكنه ان يسبق الأحداث دون تكييف من الحكومة التي تستأثر بهذا السبق، الأحداث الفجائية نموذجا، وهذا يدل على ان العمل الاعلامي والصحفي لا يتوفر على اعلام الازمات والطوارئ كآلية لليقظة الإعلامية تروم التنبيه المسبق لاي ظاهرة كانت، و بالأحرى الاخبار والأحداث اليومية من العيار الثقيل؛ مما يحيلنا على دلالة واضحة مفادها ان الصحافة إنما تشتغل في مرحلة ما بعد الخبر ودرجة تكييف هذا الاخير مع المناخ العام، ويكون من الصعوبة بمكان حينئذ ان يستشف المتلقي الخبر الصحيح من الزائف نظرا لغياب مصدر المعلومة او جهله، ويكون حظ حرية التعبير في هذه الحالة هو تداول الخبر فقط بالزيادة او النقصان تتحكم فيه وسائل المتابعة.
ومما يزيد الطين بلة هو نعث الصحافة والاعلام بالسلطة الرابعة!؟ فهل يليق على الصحافة تسميتها بسلطة رابعة او خامسة؟؟ هذا ما سنحاول وضعه في الميزان حتى تتبين حقيقة ما يجري..
يعود الأصل في تسمية الصحافة بالسلطة الرابعة إلى الإيرلندي ادمون بريك حين راح يقارن أهمية الصحافة بالأجهزة الممثلة داخل قبة البرلمان الانجليزي أواخر القرن 16 حوالي 1790، والتي هي رجال الدين، والنبلاء والعوام؛ قائلا ان الصحافة هي الوسيلة الأكثر تأثيرا من كل الوسائل الأخرى، فهي بمثابة سلطة رابعة، وكانت هذه التسمية مجرد مزحة، لصقت بعد ذلك بكلمة الصحافة دون أن يكون لها أي دلالة قانونية حينئذ. والواقع هو ان الصحافة هي اذاة التعبير عن الرأي ان لم يكن بالصوت فبالقلم او غيره من وسائل الاعلام المتاحة؛ وهذه كلها عبارة على وسائل معنوية لينة محضة يكاد تأثيرها على الرأي العام ان يكون من المضاف اليه، في حين أن السلطة نوعان:
1/ سلطة القوة والتي ترتكز على حيازة السلاح ووسائل الردع المادية وهي جهاز من أجهزة الدولة، 2/ قوة السلطة التي ترتكز اساسا على قبضة الحكم والتحكم في دواليب الإدارة وتسيير الشأن العام.
وبهذا المفهوم البسيط لمعنى السلطة يكون شتان ما بين التسمية والمحتوى، ولم تصبغ تسمية السلطة الرابعة على الصحافة سوى تفريغ معنى ودور الصحافة والاعلام من أساسه، والذي لا يعدو ان يكون عنصرا ثقافيا او قوى ضاغطة من أجل الإصلاح التغيير.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس