عمال النظافة: أبطال الظل في حماية البيئة

عمال النظافة: أبطال الظل في حماية البيئة
محمد أعزوز* 08 يوليو 2024

في زحمة الحياة اليومية، قد نغفل عن أبطال حقيقيين لا تُسلط عليهم الأضواء، لكنهم يحملون على عاتقهم مسؤولية جسيمة؛ إنهم عمال النظافة الذين يعملون بصمت للحفاظ على نظافة بيئتنا وصحتنا. يقومون بجمع النفايات، وتنظيف الشوارع والأماكن العامة، مما يسهم في منع انتشار الأمراض والحفاظ على المظهر الجمالي لمدننا.
بشكل عام، تميل البلدان التي لديها قوانين عمل قوية وأنظمة صارمة للصحة والسلامة المهنية إلى توفير ظروف عمل أفضل لعمال النظافة. ويشمل ذلك الأجور العادلة، وساعات العمل المعقولة، والحصول على المزايا مثل التأمين الصحي والمعاشات التقاعدية.
تشتهر السويد مثلا، بسياساتها الاجتماعية القوية ومستوى الرفاهية المرتفع، وتوفر ظروف عمل ممتازة لعمال النظافة، بما في ذلك الأجور العادلة والمزايا الاجتماعية. وعلى غرار السويد، تتمتع النرويج بنظام رعاية اجتماعية قوية تضمن ظروف عمل جيدة لعمال النظافة. وغالبًا ما يتم إدراج الدنمارك ضمن الدول التي تتمتع بأفضل مستويات المعيشة، ويمتد هذا أيضًا إلى عمال النظافة.
أما في اليابان، فيُعتبر عامل النظافة "مهندس صحة ونظافة"، وهو لقب يعكس الاحترام والتقدير لمهنة عمال النظافة الحيوية. يتمتعون بأجور مرتفعة، قد تصل إلى 8000  دولار شهريا ومكانة مرموقة في المجتمع، وهو ما يستحقه كل عامل نظافة في كل مكان.
وفي الولايات المتحدة فيبلغ متوسط أجر عامل النظافة ما يقارب 3000  دولار، ويزداد مع زيادة عدد سنوات الخبرة. وهناك شروط خاصة للانضمام إلى هذا القطاع المهني، أهمها اتقان القراءة والكتابة واللياقة البدنية. و يحصل عامل النظافة على تأمين صحي بشكل كامل، و راتب تقاعدي و تأمين على الحياة ضد العجز و الإصابة، كما يحصل على علاوات سنوية بانتظام، و على إجازة أسبوعية و إجازات سنوية مدفوعة الأجر.
و في بريطانيا، يشترط أن يكون عامل النظافة مواطنا أصليا لا يحمل أي جنسية أخرى، احتراما لتلك المهنة و توطينها، و اعتبارها من المهن التي تمس الأمن القومي، و يتقاضى العامل بين 2000  و 4000  جنيه إسترليني شهريا، يختلف الأجر حسب الخبرة و المستوى التعليمي.
و قد نظمت هذه البلدان أنظمة عمل تحمي حقوق العمال و تضمن حصول عمال النظافة على معاملة عادلة. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن الالتزام في التعامل مع عامل النظافة يمكن أن يختلف داخل البلد الواحد، ويعتمد على عوامل مثل المنطقة والصناعة والشركة المحددة. بالإضافة إلى ذلك، هناك جهود عالمية لتحسين ظروف عمل عمال النظافة حول العالم.
لكن في العديد من المجتمعات العربية تتفاوت ظروف عمل عمال النظافة بين دولة عربية وأخرى. و لا يزال هناك نظرة دونية تجاه هذه المهنة، وسط تدني كبير لرواتب العاملين فيها. وهذه النظرة السلبية تجاه عمال النظافة في بعض المجتمعات العربية، وفي الواقع في أجزاء كثيرة من العالم، يمكن أن تعكس مجموعة من القضايا الاجتماعية والثقافية.
قد يكون هذا بسبب الأفكار المسبقة حول الطبقة ونوعية العمل والوضع الاجتماعي. ففي كثير من الأحيان، يُنظر إلى الأعمال التي تتطلب جهدًا بدنيًا أو تعتبر "أقل جاذبية" على أنها أقل قيمة، وهو ما يعكس نقص في الاعتراف بأهمية هذه الأدوار في المحافظة على الصحة العامة والبيئة.
علاوة على ذلك، تنتشر بعض السلوكيات الخاطئة مثل رمي النفايات في غير أماكنها المخصصة أو تعمد إلحاق الضرر بمرافق النظافة، وهو ما يعكس نقصًا في الوعي العام والمسؤولية المجتمعية. ويمكن للتعليم والتوعية، إن وجدت الإرادة والجدية، أن يلعبا دورًا كبيرًا في تغيير هذه الأنماط وتعزيز ثقافة الاحترام والنظافة.
ومن المهم التأكيد على أن عمال النظافة يؤدون دورًا محوريًا في مجتمعاتنا، ويقومون بعمل حيوي. لذلك يجب علينا رد الاعتبار لعمال النظافة وتقدير جهودهم التي لا تقدر بثمن في الحفاظ على نظافة بيئتنا.
ينبغي تكريمهم واحترامهم، ويجب أن نعيد النظر في كيفية معاملتنا لهم وأن نعمل على تحسين ظروف عملهم وضمان حصولهم على الأجور العادلة والاعتراف بأهمية مهنتهم.
فلنتذكر دائمًا أن عمال النظافة هم حراس الصحة العامة والجمال البيئي، وأن مساهماتهم تستحق منا كل التقدير والاحترام.

* فاعل جمعوي 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا