انتصار الدبلوماسية المغربية.. موجة دعم دولي تجرف خصوم الوحدة الترابية نحو العزلة التامة
في لحظة تاريخية تعيد رسم خريطة الجيوسياسية الإقليمية، يقف المغرب شامخاً كصخرة لا تهزها رياح الفتن المفتعلة، محولاً نزاع الصحراء المغربية من أزمة مزمنة إلى نموذج للانتصار الدبلوماسي والتنموي. عام 2025، الذي شهد تحولات دراماتيكية، يعلن نهاية عصر الدعايات الانفصالية الفارغة، مع تدفق دعم دولي هائل لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. هذه المبادرة، التي قدمها المغرب في 2007 كحل واقعي وبراغماتي، أصبحت الآن الإطار الوحيد المعترف به دولياً، مدعوماً بتقارير أممية وإعلانات رسمية تفضح عزلة الجزائر و"البوليساريو"، اللذين يغرقان في مستنقع أجندات إقليمية فاشلة. مع اقتراب جلسة مجلس الأمن الحاسمة نهاية أكتوبر 2025، يتجلى الانهيار الكامل لرواية الخصوم، الذين يواجهون اتهامات خطيرة قد تؤدي إلى تصنيفهم كعناصر إرهابية في ظل تقارير عن دعمهم لأنشطة تهدد استقرار المنطقة. بينما يعزز المغرب سيادته بقوة الحق التاريخي والدعم الدولي المتزايد. هذا ليس مجرد تحول؛ إنه زلزال يهز أركان المنطقة، معلناً فجر عصر جديد من الاستقرار والازدهار تحت الراية المغربية.
يؤكد التقرير الأخير للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش على جديّة المبادرة المغربية كأساس للحل السياسي الدائم، ويحث على حوار جاد وشفاف تحت إشراف مبعوثه الخاص ستافان دي ميستورا. وهو ما يعكس فهماً دولياً متجدداً لطبيعة النزاع، ويرفض المسارات غير الواقعية التي تعتمد على استفتاءات غير قابلة للتطبيق عملياً، ويؤكد مشاركة الجزائر كطرف رئيسي في المفاوضات. وهذا التأكيد الدولي يعكس بشكل واضح انهيار الروايات التي دأب خصوم الوحدة الترابية على ترويجها، ويؤكد أن التنمية والسلام هما السبيل الأمثل لتعزيز السيادة الوطنية.
على الصعيد العملي، أظهرت الولايات المتحدة التزاماً ملموساً نحو دعم المغرب من خلال تقديم مسودة قرار في مجلس الأمن تدعم مبادرة الحكم الذاتي، مع اقتراح تقليص ولاية بعثة "مينورسو" إلى ثلاثة أشهر فقط، مرتبطة بتحقيق تقدم ملموس باتجاه الحل السياسي. هذا التحرك يأتي في توقيت مهم يعكس مواصلة الإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، دعمها لسيادة المغرب، ويتجسد أيضاً في افتتاح قنصلية أمريكية بالداخلة، التي تشكل علامة فارقة في الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، وفي دفع الاستثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة والتعدين والتنمية الاقتصادية. كما أعلنت الولايات المتحدة عن استثمارات تصل إلى 5 مليارات دولار في الأقاليم الجنوبية، مما يعزز الشراكة الاستراتيجية.
إن هذا الدعم الدولي يعكس ثقة المجتمع الدولي في الاستقرار الذي يحققه المغرب عبر سياسته التنموية الشاملة، وهو ما يظهر بوضوح في المشاريع العملاقة التي أطلقتها المملكة في الأقاليم الجنوبية. مشاريع الطاقة الشمسية في الداخلة، التي تُعد من الأضخم في القارة، توسع الموانئ والقدرات اللوجستية، وإنشاء الجامعات الحديثة، كلها عوامل ترسخ التنمية وتفضح ادعاءات الخصوم في تغذية زيف ادعائهم بإهمال الأقاليم الجنوبية من قبل الدولة المغربية. كما أبرمت المغرب اتفاقيات مع الإمارات لتطوير مشاريع طاقة رياح بقيمة 10 مليارات دولار، بما في ذلك خط نقل كهرباء طوله 1400 كيلومتر، بالإضافة إلى استثمارات فرنسية تصل إلى 150 مليون يورو في التنمية المستدامة.
على مستوى الاتحاد الأوروبي، شهدنا اتساع دائرة الدعم، حيث قامت بلجيكا وبولندا والمملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا بإعلان مواقف قوية تدعم مبادرة الحكم الذاتي بوصفها الحل السياسي الوحيد القائم على الواقعية والاستقرار. فبلجيكا أعلنت دعمها رسمياً في 23 أكتوبر 2025، مما يجعل 23 من 27 دولة أوروبية تدعم الخطة المغربية. هذه الدول أدركت أن الاستقرار في المنطقة يتطلب تعاوناً متعدد الجوانب، سياسيّا واقتصاديّا، يستند إلى حقائق الواقع وأسس التنسيق الواضح بين الأطراف المعنية تحت القيادة المغربية.
في العالم العربي والإفريقي، تستمر الحكومات في التعبير عن دعمها القوي للمبادرة المغربية، إذ أكدت السعودية وتوغو ومجموعة من دول القارة دعمها للنهج المغربي كإطار متوازن يجمع بين السيادة والتنمية والاستقرار. كما أن 40 دولة أفريقية، بما في ذلك دول أفريقيا الوسطى، أعادت التأكيد على دعم سيادة المغرب. وتواصل روسيا مراجعة مواقفها لتتماشى مع روح التعاون الدولي، عبر إقرارها بمبادرة الحكم الذاتي كحل عملي وتدريجي لإنهاء النزاع، معتبرة إياها شكلاً من أشكال تقرير المصير بناءً على قرارات الأمم المتحدة، مما يُقلص من حضور الروايات المنهجية للانفصاليين التي تعتمد على مواقف ليست واقعية ولا تخدم مصالح المنطقة وشعوبها.
إن عزلة الجزائر و"البوليساريو" تزداد اتساعاً وتعقيداً، حيث تشهد الدول المؤثرة دولياً وعربياً وأفريقياً تناقضاً صارخاً بين الممارسات والتوجهات الجزائرية الراهنة، وضرورة احترام السيادة ووحدة الجوار. الجزائر التي أغلقت حدودها مع المغرب منذ عقود، تتحمل المسؤولية التاريخية الكبرى عن استمرار حالة الغموض والتوتر، بدعمها المستمر للميليشيات والتدخلات غير المسؤولة التي تزيد من نزاعات المنطقة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. هذا الدعم الجزائري، الذي يشمل تزويد ميليشيات "البوليساريو" بالسلاح والموارد، لا يخدم سوى استمرار حالة اللااستقرار التي تؤثر سلباً على المنطقة بأسرها. كما كشفت التطورات الأخيرة عن تراجع الدعم الدولي لـ"البوليساريو"، بالإضافة إلى صراعات داخلية وانهيار معنوي مع استمرار معاناة سكان مخيمات تندوف التي تعيش حالة إنسانية متردية، وحتى في دوائر القرار العالمي، يوجد حديث متصاعد عن إمكانية تصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية بسبب علاقاتها المشبوهة ببعض الجماعات المتطرفة.
في المقابل، يُسجل ملف الصحراء المغربية نجاحات تعززها عوامل داخلية قوية، تتمثل في التحول التنموي الشامل الذي تعيشه الأقاليم الجنوبية، والذي يشكل رصيداً دبلوماسياً قوياً للمملكة في المحافل الدولية. فمشاريع البنية التحتية، والاستثمار في التعليم والصحة والصناعات الخفيفة، تمثل نموذجاً تنموياً متكاملاً يؤكد قدرة المغرب على توظيف موارده الطبيعية والبشرية لبناء مستقبل مزدهر ومستقر.
من يراقب المشهد الدولي يرى أن تصاعد دعم المغرب يترافق مع تحولات اقتصادية وسياسية مهمة تترجم ذاتها في تعزيز الروابط الاستراتيجية الثنائية والمتعددة، كما هو الحال مع الولايات المتحدة، التي تعتبر المغرب شريكاً استراتيجياً في منطقة شمال إفريقيا، وتدعم الاستثمارات ذات الأثر العالي في الطاقات المتجددة والصناعة، وهو ما يعزز أدوار المملكة في الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة.
أيضاً، لا يمكن إغفال إعلان إسبانيا تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي، وهو تحول مؤثر جاء بعد مراجعات مصلحة تاريخية وعملية، حيث يؤسس لانفراج في العلاقات بين المغرب وأوروبا وذلك من خلال تقوية التنسيق الأمني والاقتصادي، وهو ما يعزز من فرص السلام والاستقرار في غرب المتوسط.
وفي الختام، يمثل عام 2025 نقطة تحول جوهرية في ملف الصحراء المغربية، حيث يتجلى بوضوح أن الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي ليس مجرّد اعتراف سياسي، بل هو تأييد متين لمسار التنمية والاستقرار الذي يقوده المغرب في الأقاليم الجنوبية، مع تعزيز المصالح العليا للوحدة الوطنية التي تشكل جوهر الهوية المغربية الواحدة. هذا الانتصار الدبلوماسي والسياسي يعكس وعيا وطنيا خلاقا استطاع تحويل الدفاع عن الوحدة الترابية إلى هجوم إستراتيجي فعّال حاصر الخصوم في عزلة متزايدة.
ومع اقتراب موعد جلسة مجلس الأمن الحاسمة لنهاية أكتوبر 2025، يفتح المغرب أبواب عصر جديد من السلام المستدام والازدهار الشامل، مؤكداً أن الوحدة الترابية ليست مجرد شعار بل حقيقة تاريخية راسخة تجلت عبر رؤية دستورية واضحة ودعم دولي متنامٍ يعيد تشكيل المنطقة نحو مستقبل أفضل.
إن هذا الزلزال الدبلوماسي الذي هز أركان الخصوم يؤكد درساً جوهرياً: أن القوة الحقيقية تكمن في الالتزام بالواقعية والتنمية والمسار السلمي، وأن المغرب بقيادته الحكيمة مستعد دائماً لأن يكون قائد الاستقرار والازدهار الإقليمي الذي لا يتزعزع مهما علت أصوات الفتن والدعايات الفارغة.






تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس