البوليساريو، الجزائر وإيران وتهديدات الاستقرار في الصحراء وأوروبا

في ظل التحولات الدبلوماسية المتسارعة التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، يتزايد الاعتراف الدولي بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية. هذا التطور، الذي يتجلى في افتتاح العديد من القنصليات في العيون والداخلة، يؤكد على الزخم المتنامي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي ووحيد للنزاع. وفي هذا الإطار، يسلط مقال مهم نشرته مجلة "بانوراما" الإيطالية الضوء على جانب آخر من جوانب الصراع، كاشفاً عن تحالف خطير يجمع بين جبهة البوليساريو، وإيران، والجزائر، ويصفه بـ "مثلث الزعزعة" الذي يهدف إلى عرقلة جهود الاستقرار ويهدد الأمن الإقليمي والدولي.
تحت عنوان "البوليساريو، إيران، الجزائر: مثلث الزعزعة الجديد الذي يهدد الصحراء وأمن أوروبا"، قدمت المجلة الإيطالية تحليلاً عميقاً يكشف عن مخاطر هذا التحالف. يعتبر المقال أن هذا "المثلث" لا يهدد استقرار شمال إفريقيا فقط، بل يمتد تأثيره إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى قلب القارة الأوروبية.
يؤكد المقال أن جبهة البوليساريو، التي لطالما قدمت نفسها كحركة تحرر، تحولت اليوم إلى أداة لزعزعة الاستقرار الإقليمي. هذا التحول ما كان ليتم لولا الدعم المستمر الذي تقدمه الجزائر، والذي يشمل الدعم السياسي واللوجستي والعسكري. من وجهة نظر المغرب، تستغل الجزائر قضية الصحراء كأداة استراتيجية في تنافسها التاريخي مع الرباط، مما يعيق أي جهود نحو إيجاد حل سلمي ودائم.
في سياق هذا التحالف، يبرز الدور الإيراني كعنصر رئيسي في تأجيج الصراع. يكشف المقال أن إيران قامت بتزويد البوليساريو بأسلحة متطورة، بما في ذلك الطائرات المسيرة، وذلك عبر شبكات تابعة لـ حزب الله اللبناني. هذا الدعم، الذي تعمقت علاقته منذ سنوات، يمثل نقلة نوعية في التهديدات التي تواجهها المنطقة، حيث يرفع من القدرات الهجومية للبوليساريو، مما يشكل تهديداً مباشراً للأمن المغربي والإقليمي، ويؤثر على استقرار منطقة غرب إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
كما يتطرق المقال إلى الوضع المأساوي في مخيمات تندوف، مشيراً إلى أنها لم تعد مجرد ملاجئ إنسانية، بل تحولت إلى بؤر لتجنيد المتطرفين. يؤكد المقال أن العديد من العناصر السابقة في البوليساريو انضموا إلى تنظيمات إرهابية، مما يثير تساؤلات جدية حول طبيعة هذه المخيمات ودورها في تهديد الأمن الدولي. كما يعاني اللاجئون في المخيمات من ظروف معيشية قاسية، وسط اتهامات بتسييس المساعدات الإنسانية واستغلالها لأغراض سياسية وعسكرية.
من منظور دولي، يرى المغرب أن هذا التحالف بين البوليساريو والجزائر وإيران يمثل تهديداً مباشراً لمصالحه الوطنية ولأمن واستقرار المنطقة بأسرها. ولهذا، يدعو المغرب إلى دعم دولي أقوى، خاصة من الولايات المتحدة، لتأكيد سيادته على الصحراء المغربية. ويشمل هذا الدعم فتح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة، والنظر بجدية في تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، لمواجهة التهديدات المتزايدة التي تشكلها.
يخلص المقال إلى أن "مثلث الزعزعة" هذا يهدف إلى إدامة التوتر في ملف الصحراء المغربية، حيث تعمل الجزائر كداعم سياسي وعسكري، وإيران كمزود بالأسلحة الحديثة، وحزب الله كمركز للتدريب. هذا التحالف لا يزعزع الاستقرار في شمال إفريقيا فقط، بل يمتد تأثيره لتهديد الأمن الأوروبي. وبهذا، يقدم المقال رؤية متكاملة للموقف المغربي، الذي يرى في القضية الصحراوية تهديداً دولياً متعدد الأبعاد يتجاوز الإطار الإقليمي إلى نطاق يمس الأمن العالمي.
إن التحدي الأمني الذي يمثله هذا "المثلث" يتجاوز النزاع الإقليمي ليصبح تهديداً عالمياً. وبينما يسعى المغرب إلى تثبيت استقراره وتنمية أقاليمه الجنوبية بدعم دولي متزايد، تسعى الأطراف الأخرى لإدامة الصراع عبر تحالفات خطيرة. يكمن الحل في مواجهة هذه التهديدات بشكل جماعي، من خلال دعم الحل السياسي الذي يخدم مصالح المنطقة والمجتمع الدولي، مع التركيز على أهمية الاعتراف الكامل بسيادة المغرب على صحرائه كضمان للاستقرار والأمن.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس