تاريخ المغربيات وعي وكرامة ومواقف: المهندسة ابتهال أبو سعد نموذج للمرأة المغربية وايقونة الشباب العربي

تاريخ المغربيات وعي وكرامة ومواقف: المهندسة ابتهال أبو سعد نموذج للمرأة المغربية وايقونة الشباب العربي
حليمة بن روان 10 أبريل 2025

وجهت المهندسة المغربية الشابة ابتهال أبو سعد، ذات الخمسة والعشرين ربيعا، صفعة أخلاقية قوية لإدارة شركة "مايكروسوفت" خلال احتفالها الرسمي باليوبيل الفضي "الذكرى الخمسين" لتأسيسها، بتفجيرها مفاجأة من العيار الثقيل، حين كشفت تعاون الشركة التي كانت جزءاً من فريق الذكاء الاصطناعي داخلها، مع الجيش الإسرائيل، معلنة استقالتها من الشركة.
ولدت ابتهال أبو سعد (25 عاماً) العاصمة المغربية الرباط، وفي فصول مدارسها العمومية تلقت تعليمها، حيث تميزت بالنجابة في الرياضيات والمواد العلمية، لتتوج مسيرتها الدراسية بحصولها على شهادة البكالوريا " الثانوية العامة" من ثانوية مولاي يوسف عام 2017. وتلتحق بعدها بجامعة هارفارد بمنحة دراسية حصلت عليها نتيجة بعد مشاركتها الناجحة في برنامج " تيك غيرلز " التابع لوزارة الخارجية الأمريكية عام 2016. خلال دراستها، لم تكن مجرد طالبة عادية، بل أسست مبادرات لتعليم الفتيات البرمجة، وساهمت في تطوير منصة لحفظ السجلات الطبية للاجئين.
بعد تخرجها عام 2022، انضمت ابتهال إلى عملاق التكنولوجيا المتطورة، شركة مايكروسوفت، حيث عملت ضمن فريق تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، هناك، ساهمت في تطوير خدمات "مايكروسوفت أزور السحابية"، وشاركت في مشاريع متقدمة لتحليل البيانات، لكن الأجواء داخل الشركة بدأت تتغير بعد اكتشافها لوثائق تؤكد تعاون الشركة المشغلة مع الجيش الإسرائيلي عبر صفقة بقيمة 133 مليون دولار. وفقاً لوثائق داخلية، كانت التقنيات التي ساهمت ابتهال في تطويرها تُستخدم في أنظمة المراقبة والتحليل ضد الفلسطينيين.
في احتفال الشركة باليوبيل الفضي، الذي حضره موظفو مايكروسوفت والمدير التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي مصطفى سليمان، صعدت ابتهال إلى خشبة المسرح بشكل مفاجئ. وفي خطوة جريئة، وجهت كلمة قوية للحاضرين قالت فيها: " تتحدثون عن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بينما تبيعون تقنياتنا للجيش الإسرائيلي!!!! 50 ألف شهيد في غزة، وأنتم شركاء في الجريمة …!!!!!... واتهمت بشكل مباشر لسليمان ذي الأصول العربية، بالتواطؤ في دعم الاحتلال الإسرائيلي والسكوت عن جرائمه بحق الفلسطينيين.
نشرت ابتهال لاحقاً بياناً على منصات التواصل الاجتماعي كشفت فيه تفاصيل الصفقات المشبوهة، مشيرة إلى أن استخدام تقنيات مايكروسوفت من قبل الجيش الإسرائيلي تضاعف 200 مرة بعد أحداث أكتوبر 2023.
ليتصدر وسم ابتهال أبو سعد منصات التواصل الاجتماعي، بينما تناولت وسائل إعلام عربية ودولية القصة، من جانبها، لم تنكر مايكروسوفت التعاون مع الجيش الإسرائيلي، لكنها أكدت أن "هذه العقود تخضع لمعايير أخلاقية".
ووفاء لمبادئها وانسانيتها وفي موقف اقل ما يقلل عنه انه شجاع وغير مسبوق، فقد أعلنت ابتهال استقالتها من الشركة، قائلة: "لا يمكنني أن أكون جزءاً من آلة قتل "
هذا، وبهذا الموقف الإنساني الجريء  والشجاع، أصبحت اليوم ابتهال أبو سعد نموذجا للمرأة المغربية  القادرة على التضحية بملايين الدولارات والمكانة الوظيفية المميزة  والمرموقة مقابل الحفاظ على نخوتها العربية، ومبادئها الإنسانية ، فضلا على انها بهذه المواقف الكبيرة جعلت من نفسها أيقونة للشباب العربي الذي يرفض الصمت أمام الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في الحياة التي يقترفها الجيش الإسرائيلي الغاشم باستعماله لأحدث الوسائل التكنولوجية وآلات الدمار لسحق الأبرياء دون تمييز بين الأطفال والنساء والشيوخ في غزة العزة ، حتى لو كان الثمن هو التخلي عن أحلامه الوظيفية.
ومنذ تفجير هذه المفاجأة الصاعقة، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف الوانها على الفضاء الأزرق بالتدوينات المشيدة بموقف ابتهال أبو سعد، سواء ممن نشطاء في المغرب أو من خارجه حيث أقرنه بعضهم بمواقف نساء ورجال بصموا على مساراتهم بمداد من ذهب.
وأشاد مغردون بشجاعة ابتهال، معتبرين أنها تمثل ضميرًا يقظًا في عالم التكنولوجيا، حيث تسيطر المصالح الاقتصادية والسياسية على القرارات الأخلاقية. وانتشر حديثها كرسالة صارخة تقول "لا يمكن أن نصنع تكنولوجيا تُستخدم في قتل الأبرياء ثم نلوذ بالصمت. لقد آن الأوان لاتخاذ موقف.
كتب جلال عويطة المؤسس المشارك لمنصة "shopyan" على واقعة ابتهال أبو سعد:"من فاطمة الفهرية التي أسّست أول جامعة في العالم سنة 859م، إلى مليكة الفاسي التي وقّعت وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، تاريخ المغربيات هو تاريخ وعي وكرامة وموقف.. ما قامت به البارحة ابتهال أبو السعد يُعيد كتابة هذا السطر من التاريخ بصوت عالٍ، مضيفا:" ابتهال لم تكن تُلقي خطابًا سياسيًا، بل كانت تمارس حقًا إنسانيًا، وتُدافع عن أخلاقيات المهنة، وضمير التكنولوجيا. وختم تدوينته ب:" هذا ما يجب نشره عن المغربيات وهذا ما يجب أن نفخر به جميعاً".
من جانبه كتب محمد المساوي:" ابتهال أبو السعد، هالة غريط، نورة أشهبار… نساء مغربيات لا يمكن لكل أحرار وحرائر المغرب إلا أن يفتخروا "ن" بهن. تركن وراءهن كل شيء: المنصب، الجاه، والثروة، وانصعن لنداء ضمائرهن". هؤلاء الماجدات يضيف المساوي:" شغلن مناصب عليا في أكبر الحكومات والمؤسسات العالمية (شركة مايكروسوفت، وزارة الخارجية الأميركية، الحكومة الهولندية)، ومع ذلك غامرن بكل شيء نصرةً للإنسان، نصرةً لقضية الإنسانية: القضية الفلسطينية". وزاد في تدوينة على صفحته الرسمية على" فايسبوك" : " عندما تستحضر هذه النماذج، وتستحضر في المقابل جماعة "كلنا إسرائيليون "وكل الحثالة الذين يطعنون ظهر المقاومة، تدرك أن الإنسانية مرتبة لا يدركها كل من يمشي على اثنين أو أربعة."
من جانبه قال الكاتب المصري يوسف الدموكي في تغريدة على موقع التواصل ":“X” :" ن هذه هي الحياة باختصار، إما أن تعيشها ابتهال أبو السعد، أو مصطفى سليمان؛ ابتهال الفتاة المغربية التي لا تملك حظا أفضل من عملها مبرمجة في ميكروسوفت، ولا يمكنها ارتكاب جريمة بحق نفسها أكبر من ترك وظيفتها التي يحلم بها الملايين ويقطعون لأجلها الفيافي والبحار وسنوات العمر الطويل وليالي العلم والعمل، ومصطفى الذي يترأس موقعًا يمكنه من الحديث أمام بيل جيتس وأصحاب ميكروسوفت مسؤولا عن قسم الذكاء الاصطناعي، وكلاهما، ابتهال ومصطفى، عربيان في الأصل، أبناء تلك المنطقة الذبيحة".
وأضاف:" مصطفى يدير قسمًا قدَّم لجيش الاحتلال الإسرائيلي تقنيات وأدوات على مدار السنوات الأخيرة، وأهمها ما كان بعد سبعة أكتوبر، تمكن الجيش الإسرائيلي عبرها من قتل آلاف الأطفال الفلسطينيين، وارتكاب أقذر إبادة عرقية في التاريخ، وبأبشع الطرق وأحدثها، بما يتخللها من ذكاء اصطناعي يقوده مصطفى في الشركة".



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا