الترحال والتحذلق السياسي اية علاقة ؟

الترحال والتحذلق السياسي اية علاقة ؟
بقلم / ذ - حسان السعيد 29 أغسطس 2021

تبعا لكل استحقاق انتخابي جديد تطفو على السطح الظاهرة الجديدة القديمة المسماة ب(الترحال السياسي) بحيث تراهن كل الأحزاب السياسية على كسب اكبر عدد من المقاعد البرلمانية من خلال استقطاب أوجه سياسية تحقق الغرض المطلوب.
والظاهرة إياها تطرح عدة أسئلة حول مدى مصداقية العملية السياسية، خصوصا اذا ما استحضرنا بعض التمايزات والاختلافات في الوظائف التي تؤديها الأحزاب السياسية في بلدان العالم الثالث مقارنة بالوظائف التقليدية التي تؤديها الهيئات المماثلة في النظم الديموقراطية في الغرب ،والتي تتمثل في تجميع المصالح والتعبير عنها والمشاركة في صنع القرارات والسياسات ومراقبة تنفيذها وتجنيد الكوادر السياسية للمناصب الحكومية وتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين المجتمع و الدولة ، وتحقيق التوافق داخل المجتمع من خلال اشباع مطالب الجماعات والتوفيق بينها والمساهمة في التنشئة السياسية.
الا أن الوضع البين اليوم لا يعدو أن يكون مناسباتي وفقا لمنهجية اشتغال الأحزاب، دون ان نغفل مبدأ رسوخ الديمقراطية المتخلخل كآلية لضمان استقرار الوظيفة الحزبية في علاقتها بالقاعدة ،التي تعتبر الدعامة الأساسية لحفز العمل السياسي، وزيادة فعالية وقدرة النظام السياسي على التعامل مع المتغيرات.  
فكل حزب سياسي اذا لم يكن حاملا لإيديولوجية فانه يعبر عن بعض التوجهات، او أن يكون له مذهب سياسي يسعى لإعلانه وتطبيقه، إلا أن المشكلة الثقافية والأخلاقية ( ظاهرة الهجرة السياسية) المتفشية في تفاصيل المنظومة الحزبية ، فتحت المجال لمحترفي وتجار الانتخابات من اجل تحقيق مصالح ضيقة، دون الاكتراث بالمصالح العامة، وفرصة لاستقطاب الكائنات الانتخابية التي تتهافت عليها الأحزاب،  من اجل المراهنة عليها في الانتخابات التشريعية والمحلية، ناهيك على ان ديمومة  الترحال السياسي الذي لازم المنظومة السياسية الحزبية يؤشر اليوم على تناسل سلوكيات هجينة لعل ابرزها ما نسميه بالحذلقة السياسية ،التي املتها العقلية الاستثمارية المرتهنة بقيم الارتباط النفعي . 
الوضعية إياها املت بل غذت المرتكز التقليدي المؤسس على النزعة القبلية خصوصا بالمناطق الجنوبية، ان لم نقل النزعة الفردية كقطب رحى للاستقطاب، في التعاطي مع ما هو سياسي، فلم تعد تحرك الأشخاص المبادئ ولا التوجهات الحزبية الصرفة، وهذا حقيقة نتيجة للقطيعة التواصلية المجسدة فعليا بين الحزب السياسي وبين قواعده ، فلم نعد نرى اليوم ذلك المبدأ الذي كان يسيج ذوات الأشخاص في الدفاع عن التوجه الأيديولوجي او السياسي الذي كانوا منضوين تحت لوائه، الأمر الذي يقر بوجود أزمة ما يسمى بالتنمية السياسية ، وخصوصا المدلول الاجتماعي السياسي، الذي يتمثل بوجود مجتمع سياسي ذي ثقافة سياسية معينة متبلورة وهوية محددة، ويتحمل المسؤوليات التي يتضمنها نظام سياسي ديموقراطي لا يقوم على المرتكزات التقليدية ن وإنما يقوم على المرتكزات الحديثة، من قبيل احترام الدستور والقانون ومبدأ تكافؤ الفرص والأداء السياسي المتميز في الدفاع عن الوطن، كما تعتبر الأحزاب من المؤسسات الهامة التي تقوم بدور تكوين رؤية المواطن نحو المجتمع والسياسة عبر صفحاتها،  او بما تقوم به من نشاط تثقيفي .
وفي محاولة لتقليص ظاهرة الترحال السياسي  أعطت القوانين الانتخابية الجديدة للقيادات الحزبية حق التقدم بطلبات تجريد البرلمانيين الذين غيروا ( جلدهم السياسي) من مهامهم الانتخابية اذ نص القانون التنظيمي لمجلس النواب على انه يصبح من حق الأحزاب مراسلة رئيس مجلس النواب بهدف طرد نائب برلماني بسبب تخليه عن انتمائه السياسي.
وينص الفصل 61 من الدستور المغربي على انه ( يجرد من صفة عضو في احد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات او عن الفريق او المجموعة البرلمانية التي ينتمي اليها).
إلا ان ما يلاحظ اليوم بحسب المتتبعين هو فشل الأحزاب السياسية في وقف ظاهرة الترحال السياسي، رغم توافق عدة أحزاب ممثلة في البرلمان على ميثاق أخلاقي يقضي بمحاربة الظاهرة، غير ان جل هذه الأحزاب لا تلتزم بهذا الميثاق، مما أساء الى مصداقية العمل السياسي،  ناهيك عن تكريس العزوف الانتخابي وفق متتبعين للشأن السياسي.
 هذه المعضلة البنيوية في النظام السياسي لا تساهم بشكل إيجابي في عملية التحول الديموقراطي ،مما يؤدي الى تعميق شرخ انعدام الثقة بين العمل السياسي والمواطنين .
الامر الذي يحتم اليوم سلك منهج سياسي قويم من اجل إعادة الثقة في العمل السياسي وتفكيك الحاجز بينه وبين المواطنين وخصوصا الشباب للانخراط في العمل السياسي بما يخدم المصلحة العامة ومصلحة البلد.

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا