قصبة بولعوان المنسية

ضمن 76قصبة من عقد جواهر القصبات المغربية التي بناها السلطان المولى إسماعيل في عهد مملكته الزاهرة، تعتبر قصبة بولعوان الموجودة في منطقة دكالة أهم هذه القصبات، بل من أجملها نظرا للموقع الإستراتيجي الذي تحتله؛ فقد بناها السلطان سنة 1710م وميزها عن باقي القصبات الأخرى.
فهي تطل من أعلى مرتفع تضاريسي على سفوح نهر أم الربيع العظيم، لتكون بذلك منطقة ذات نفود قوي على إحدى أهم نقط مرور القوافل التجارية. ولأن عرش السلطان المولى إسماعيل كان على صهوة جواده، فقد استقر بهذه القصبة لمدة زمنية معينة. وكان له بها دار السلطان حيث سكنه الملكي. كما أنه جهزها بعدة بنايات تعكس بحق عظمة الحكم الإسماعيلي؛ كالمسجد والمخزن وهي التي لا زالت قائمة البنيان، ومستمرة في الوجود كمعالم أثرية لعهد تاريخي مجيد. بينما لم تتبق سوى أطلال دار السلطان بعد أن تلاشت أركان بنايتها وخرت على الأرض في شكل أركمه أحجار ولبنات قرمود وركائز خشبية. ولم يتخلف منها سوى هيكل برج عالي كان بداخل الحرم الملكي. وهي ميزة عمرانية لقصبة بولعوان حيث يسيطر على وسطها برج من أعلى الأبراج المحيطة بالسور الخارجي للقصبة، يبدو من بعيد شامخا في السماء، فارضا هبته على محيط القصبة.
كما أن سكنيات جنود عبيد البخاري والجنود المغاربة لم يعد لها وجود. وكذلك الشأن بالنسبة للخزانات المائية وإسطبلات الخيول والمخازن السرية.
إن الشيء العجيب الذي لفت نظرنا وجعلنا نقف مشدوهين لعظمة التميز العمراني لقصبة بولعوان؛ وهي توفرها على ممر سري يربط القصبة بالنهر العظيم لأم الربيع، وهو ما يبرز أهمية العلاقة القائمة بينهما. بل ويجعلنا نقيم وزنا واعتبارا لهذا النهر الذي اصطفت عليه كثير من قصبات السلطان المولى إسماعيل مثل القصبة الإسماعيلية بقصبة تادلة.
قصبة بولعوان جوهرة إرث تاريخي لفترة زمنية مشرقة من عهد حكم السلطان الأكحل، وجب الاهتمام بها وتبويؤها المكانة المرموقة التي تستحقها وإدراجها في مخططات التنمية المجالية لبعض المناطق النائية المهمشة، إسوة ببرامج الترميم التي تحظى بها بعض المآثر في المراكز المهمة بالمدن الكبيرة.
والضرورة تقتضي ان تعتني وزارة الثقافة بهذا الموروث الثقافي الذي يعاني التهميش وعدم الاهتمام. خصوصا وأن معالمه العمرانية آخذة في التهاوي يوما بعد آخر.
فهلا تحركت أيادي المسؤولين في بث ورش ترميم هذا الكنز التاريخي قبل أن يندثر أثره من الوجود.؟
*أستاذ باحث في التراث العمراني المغربي

تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس