حي بين المدن الذي فرقت أوصاله الطريق السيار

بعد نزوح الموجة الأولى من السكان الذين تم استقدامهم إلى الحي الجديد بعين الشق والذين كان أغلبهم من قدماء المحاربين المغاربة في صفوف الجيش الفرنسي تم توافد موجة تانية من السكان على هذا الحي من كل أرجاء ونواحي المغرب طلبا في العمل واستجابة لنداء الحاجة الذي كانت تتطلبه الدورة الاقتصادية النامية التي أصبحت تعرفها مدينة الدار البيضاء في نهاية الخمسينات وبداية الستينات خصوصا مع استقلال المغرب مما أدى إلى توسع عمراني كبير عرفته هوامش الدار البيضاء فبرزت بذلك ومع توالي السنين أحياء جديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: حي جوادي وحي إفريقيا وحي الكريمات وحي الإنارة وحي بين المدن .
حي بين المدن وباعتباره جزء لا يتجزأ من وحدة عين الشق السكنية كان حيا مكملا للنهضة العمرانية التي شهدتها مدينة المركز الاقتصادي للمغرب لذلك كان قاعدة إستقرار للعديد من الأسر المغربية التي عمرت المنطقة وساهمت في بروز مجموعة من الأنشطة الحرفية التي اشتهرت بها منطقة بين المدن نذكر على رأسها محلات الخياطة ومحلات صناعة الأحدية الشيء الذي أعطاها صيتا كبيرا على الصعيد الوطني غير أن حي بين المدن الكبير وبمجرد خروج مشروع الطريق السيار الأول إلى الوجود خلال حقبة السبعينات والرابط بين العدوتين :الدار البيضاء/ الرباط تقطعت أوصاله فأصبحنا نفرق بين حيين في المنطقة : حي بين المدن الأول وهو الأصل والواقع جنوب الطريق السيار والتابع إداريا لجماعة عين الشق وحي بين المدن الثاني والواقع شمال الطريق السيار والتابع إداريا لجماعة الفداء وبالرغم من هذا التقسيم والانقسام ظلت حركية العلاقات الأسرية والاقتصادية والرياضة هي الحاكم الفيصل بين الحيين وما وجود ذلك الجسر الحديدي الرابط بين الحيين على عرض الطريق السيار إلا ترجمة فعلية لمدى ارتباط الحيين وإعراب قوي عن مدى اكتمال الوحدتين الترابيتين وحاجة الواحد للآخر ولعل ماضي الفرق الرياضية لأكبر شاهد عن ذلك فهي كانت تتشكل في غالب الأحيان من لاعبي العدوتين المتجاورتين معا.
إن أكبر ما اشتهر به حي بين المدن الثاني (الفداء) هو احتضانه لبيت أسطورة رياضة سباق الدراجات المغربية البطل الملقب بمحمد الكورش قاهر الأوربيين في اللقاءات الدولية لسباق الدراجات ورافع الراية المغربية عالميا في العواصم الدولية ومشرف العرب في المحافل العالمية لهذا النوع من الرياضات التي تتطلب اللياقة البدنية العالية والتكتيك العالي في السباقات والدراية الكبيرة في فن الصعود في الطرقان الجبلية.
أما حي بين المدن الأول فقد اشتهر ذكره بنجم الكرة القدم المنتسب حينها إلى فريق الرجاء البيضاوي في السبعينات وهو اللاعب العرابي قلب الهجوم الذي لم تشأ له الأقدار أن ينهي مشواره الرياضي في الملاعب بل ألزمته الإصابة في رجله البيت مما أوقف مسيرته وأحبط جل أمانيه في التألق مرة تانية على صعيد الملاعب
هكذا هي عين الشق حينا الكبير الذي له مجد تاريخي كبير وله باع في جميع المجالات عبر أناس خلدوا اسمهم كما خلدوا إسم الحي الذي ينتسبون إليه فشكرا لهم على العطاء والإخلاص والتفاني في خدمة الوطن وشكرا لهم لأنهم أعطوا المثال الحي لأبناء المنطقة للوصول إلى المبتغى المنشود مهما كانت العوائق والعراقيل
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس