ملعب ابن امسيك ... حين يتحول الحلم الملكي إلى صمت إسمنتي

ملعب ابن امسيك  ... حين يتحول الحلم الملكي إلى صمت إسمنتي
طارق الأسمر 28 أكتوبر 2025

في قلب العاصمة الاقتصادية، حيث تنبض الدارالبضاء بالحركة والتطلعات، يقف ملعب ابن امسيك كصرح رياضي يحمل في طياته مفارقة مؤلمة " مشروع ملكي سامٍ، دُشّن بالأمل، وانتهى إلى أبواب موصدة وسكونٍ يثير الأسى ". بين لحظة التدشين الرسمي يوم 11 فبراير 2016، بحضور ملكي كريم، وبين واقع الإغلاق الطويل، تتقاطع الأسئلة وتتشابك الروايات، ويبقى الشباب في عمالة ابن امسيك هم الخاسر الأكبر.

فقد كان ملعب ابن امسيك ثمرة شراكة بين مجلس المقاطعة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعدد من المؤسسات المنتخبة، ليكون فضاءً رياضيًا يليق بشباب المنطقة، ويمنحهم متنفسًا للتدريب وصقل المواهب. لكن، وعلى نحو يثير الاستغراب، ظل الملعب مغلقًا لسنوات، رغم جاهزيته من حيث البنية التحتية وتجديد عشبه الاصطناعي بتمويل عمومي.

 تعددت الروايات حول أسباب الإغلاق، فالبعض أرجعه إلى خلل في الأسلاك الكهربائية تحت أرضية الملعب، تسبب في شحن العشب الصناعي، وآخرون تحدثوا عن عدم ملاءمة المساحة للمعايير الرياضية. لكن هذه التبريرات، وإن بدت تقنية، لم تصمد أمام منطق الزمن، فلو كانت المشكلة تقنية فعلًا، لتم تداركها منذ سنوات، لا أن يُترك الملعب رهينًا للإهمال.

وتزداد حدة المفارقة حين نعلم أن رئيس المقاطعة الحالي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ونائبًا عن مدينة الدار البيضاء، ما يطرح تساؤلات حول غياب الإرادة السياسية لتفعيل هذا المشروع الحيوي

وفي منطقة تعاني من قلة الفضاءات الرياضية، تحوّل ملعب ابن امسيك إلى "ديكور" كما يصفه السكان، وُضع لتجميل المكان لا لخدمة الرياضة. حيث وجدت الجمعيات المحلية والفرق الناشئة نفسها مضطرة للبحث عن بدائل في الأزقة والشوارع، في مشهد يعكس غياب العدالة المجالية، ويُفرغ مفهوم التنمية من جوهره.

وفي هذا السياق، لا يمكن إلا أن نستحضر كلمات الملك محمد السادس، في خطاب عيد العرش المجيد " لا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين." ، " لن أكون راضيا، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم، بشكل ملموس، في تحسين ظروف عيش المواطنين، من كل الفئات الاجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات " ...

هذه كلمات ملكية سامية تُحاكي الواقع، وتُدين الصمت الإداري الذي ترك ملعبًا ملكيًا في حالة عطالة، وحرَم شبابًا من حقهم في ممارسة الرياضة، في زمن يُفترض فيه أن تكون التنمية شاملة وعادلة.

فملعب ابن امسيك ليس مجرد منشأة رياضية، بل هو رمز لسياسة القرب التي أرادها الملك لشعبه، ومؤشر على مدى التزام المؤسسات المحلية بترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس. وبين التدشين الملكي والإغلاق المزمن، تتجلى مفارقة مؤلمة، لا تُحل إلا بإرادة حقيقية تعيد للملعب وظيفته، وللشباب حقهم، وللدار البيضاء وجهها الرياضي الذي يستحق أن يُصان. والسؤال المطروح حاليا " هل يُفتح الباب قريبًا؟ أم سيظل الملعب شاهدًا صامتًا على حلمٍ لم يكتمل؟ ...

 



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا