التعرض المطول للحرارة الشديدة يهدد صحة الأطفال والحوامل

حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أن التعرض المطول للحرارة الشديدة يهدد صحة الأطفال والحوامل بشكل غير مسبوق، ويزيد من مخاطر سوء التغذية والأمراض المعدية مثل الملاريا.
وأفادت المنظمة بأن 20 بالمائة من أطفال العالم، أي ما يقارب 466 مليون طفل، يعيشون في مناطق تشهد ارتفاعا ملحوظا في أيام الحر الشديد، إذ زاد عدد هذه الأيام إلى الضعف مقارنة بما كان عليه قبل ستة عقود.
وأوضحت المنظمة أن الأطفال في 16 بلدا يواجهون أكثر من 30 يوما إضافيا من الحر الشديد سنويا مقارنة بالستينيات، مشيرة إلى أنه في جنوب السودان، على سبيل المثال، ارتفع عدد أيام الحر الشديد من 110 أيام في الستينيات إلى 165 يوما في العقد الحالي.
ودعت المنظمة إلى اتخاذ تدابير عاجلة للحد من الانبعاثات وتعزيز الحماية الصحية للأطفال، حيث أكدت المديرة التنفيذية لليونيسيف، كاثرين راسل، على ضرورة اتخاذ خطوات جريئة لضمان حق الأطفال في بيئة نظيفة وصحية.
وعلاقة بذات الموضوع، يعمل فريق من الباحثين متعدد التخصصات في جامعتي نوتنغهام وليدز على التحقق من تأثير تعرض الأم الحامل لفترات قصيرة من درجات الحرارة العالية أثناء الحمل، وتحديدًا في الأيام الأولى، على صحة الطفل على المدى الطويل.
تهدف الدراسة الجديدة إلى تحديد كيف يؤثر التعرض قصير المدى لدرجات حرارة مرتفعة (عادة ما بين 28 إلى 33 درجة مئوية) خلال الأسبوعين الأولين من الحمل على نمو الجنين ومراحل تكوُّنه وصحته فيما بعد الولادة.
يتمثل أحد أهداف الدراسة أيضًا في تحديد نقاط التدخل للتخفيف من آثار الحرارة الشديدة أثناء الحمل المبكر.
تتزايد درجات الحرارة العالمية بسرعة مع تواتر وشدة موجات الحر خلال فصل الصيف، والناجمة عن تغير المناخ، وفق ما أكده التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
بلغت درجات الحرارة في صيف السنة الماضية 2023 ذروتها في العديد من المناطق حول العالم، وسجلت بعض المناطق درجات حرارة أعلى من 50 درجة مئوية.
تشير التوقعات إلى أن هذه التقلبات الشديدة في درجات الحرارة ستصبح حدثًا منتظمًا في المستقبل، بسبب تفاقم تغير المناخ.
هذا، ولا تزال الأبحاث جارية للتحقق من جميع أهداف الدراسة، لكن ما وجده الباحثون حتى الآن، يرجح أن التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة (من 28 إلى 30 درجة مئوية) لبضعة أيام فقط أثناء الحمل المبكر يمكن أن يزيد من خطر فشل الحمل.
حتى الآن، لم يتوصل الفريق إلى العواقب طويلة المدى على الأطفال الذين يولدون بعد إجهاد الأم بسبب الحرارة أثناء الأيام الأولى من الحمل، لكن الأبحاث لا تزال مستمرة للتحقق من ذلك.
ومع ذلك، يدرك العلماء أن أول 2-3 أسابيع من الحمل هي المرحلة الأكثر حساسية في نمو الإنسان.
قال البروفيسور كيفن سينكلير، أستاذ علم الأحياء التطوري من كلية العلوم البيولوجية بجامعة نوتنجهام، المؤلف الرئيس للدراسة: “هناك أدلة دامغة على أن النظام الغذائي للأمهات خلال الأيام القليلة الأولى من الحمل يمكن أن يكون له آثار طويلة الأمد على صحة النسل بل على ذريتهم (الأحفاد)، في الواقع، مضيفا، :" في ظل الظروف العادية، مع نظام غذائي جيد، تحدث تغييرات شاملة في الحمض النووي الموروث من الأب (الحيوانات المنوية) والأم (البويضة) من أجل السماح بالإخصاب وزرع الجنين، بينما مع نظام غذائي خاطئ يمكن أن تتعطل هذه التغيرات، و تابع نفس المتحدث، "نحقق الآن في مسألة أن الإجهاد الحراري للأمهات لفترات قصيرة الأجل أثناء الأيام الأولى من الحمل، يكون له نفس تأثير النظام الغذائي الخاطئ، في تعطيل هذه الأحداث المهمة والطبيعية".
أشار الباحثون أيضًا إلى أن هذه الاضطرابات أثناء الحمل المبكر يمكن أن يكون لها تأثير طويل المدى على صحة ورفاهية النسل.
قال ديفيد جاردنر، أستاذ علم وظائف الأعضاء في كلية الطب البيطري بجامعة نوتنغهام: "نستخدم الخنازير في الغالب كنموذج للأنواع، وسنحدد العواقب الصحية على الأبناء البالغين باستخدام تقنيات متطورة وغير جراحية لتقييم مقاومة الأنسولين وضغط الدم ووظائف الكلى".
من خلال دراسة الحمض النووي لأنواع مختلفة من الحيوانات، وبعضها يتحمل الإجهاد الحراري، ومقارنته بالبيانات التي سينتجها الفريق في تجاربه مع الخنازير، يأمل الباحثون في تحديد المسارات الفسيولوجية الشائعة التي يمكن أن تمنح الأمهات القدرة على تحمل الحرارة أثناء الحمل.
قال البروفيسور ماري أوكونيل، كلية العلوم بجامعة نوتنغهام: "من خلال دراسة الحمض النووي للثدييات المتكيفة مع الحرارة مقارنةً بالثدييات الأخرى مثل البشر، يمكننا تحديد العناصر الجينومية التي من المرجح أن تساهم في نجاح الحمل في درجات حرارة أعلى، وسيحدد هذا النهج القوي المسارات والعمليات التي يجب استهدافها من أجل تحسين النتائج للأنواع الأخرى".
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس