الجزائر والبوليساريو...لعبة الانفصال في مواجهة حقيقة مغربية الصحراء

الجزائر والبوليساريو...لعبة الانفصال في مواجهة حقيقة مغربية الصحراء
بقلم: محمد أعزوز 19 سبتمبر 2025

يواصل النظام العسكري الجزائري لعب دور مكشوف وعقيم تحت عنوان "دعم البوليساريو"، متوهماً بقدرته على إنكار الحقيقة التاريخية والقانونية الثابتة لمغربية الصحراء. هذا النظام الغارق في أوهام الحرب الباردة يراهن على إبقاء نزاع الصحراء مفتوحاً، ليس دفاعاً عن "تحرير الشعوب"، بل إخفاءً لفشله الداخلي، ووظيفة لتغذية شبكات الفساد، وإضعاف مكانة المغرب على الساحة الإقليمية. وفي مقابل هذا الوهم، يشهد العالم يوماً بعد يوم اعترافاً متزايداً بسيادة المغرب على صحرائه، كاشفاً زيف هذه المسرحية، ومورّطاً الجزائر في عزلة دبلوماسية وأزمة أخلاقية حادة.
النظام العسكري الجزائري، المتستر برداء "الثورة" و"دعم الشعوب المضطهدة"، يواصل لعبته المكررة في قضية الصحراء المغربية. لعقود طويلة، هذا النظام يقود حملة شرسة لدعم جبهة البوليساريو، ليس دفاعاً عن "حق تقرير المصير"، بل هوساً بإضعاف المغرب ومنعه من استعادة دوره كقوة إقليمية صاعدة. يتبنى جنرالات الجزائر شعارات عفا عليها الزمن من حقبة الحرب الباردة، متجاهلين الحقائق التاريخية والقانونية التي تثبت مغربية الصحراء، من بيعة القبائل الصحراوية للسلاطين العلويين، إلى قرار محكمة العدل الدولية عام 1975 الذي أكد روابط السيادة المغربية. ورغم هذا الوهم، يصر النظام الجزائري، المفتون بهلوسة "القضية العادلة"، على إبقاء هذا النزاع مفتوحاً، ليس لخدمة سكان تندوف المحتجزين في معسكرات القهر والعار، بل لتعزيز مصالحه الذاتية وتمويه المغرب وإعاقة مشاريعه التنموية.
في معسكرات تندوف، يحتجز النظام العسكري الجزائري عشرات الآلاف من الصحراويين تحت لافتة "اللجوء"، حيث تكشف تقارير دولية، من أبرزها تقرير برنامج الأغذية العالمي، عن اختلاسات ممنهجة للمساعدات الإنسانية التي تُقدم للسكان، وتحويلها إلى أرباح طائلة من قبل إدارة ذات طابع مافيوي. فقد بيّن البرنامج أن الحصص الغذائية المقدمة لا تغطي سوى حوالي 60% من الاحتياجات الفعلية، مع تسجيل اختلاس وبيع المواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك أطعمة الأطفال، في الأسواق المحلية، في ظل عراقيل تعيق وصول المساعدات بشكل عادل.
في المقابل، تعيش الساكنة ظروفاً مزرية تفتقر لأبسط حقوق الإنسان، مع قبضة أمنية مشددة من الأمن الجزائري وعناصر البوليساريو، الذين يمنعون تقديم طلبات لجوء رسمية، مما يجعل هؤلاء المحتجزين لاجئين محتجزين بالفعل، في إدارة يرفض النظام الجزائري تسليمها للأمم المتحدة. ويُضاف إلى ذلك اتهامات بالتجنيد العسكري للأطفال واستغلال المخيمات كورقة ضغط دبلوماسي وشبكة تهريب تدر أرباحاً على الجنرالات، مما يبرز مسؤولية الجزائر الكاملة عن هذه الجريمة الإنسانية.
في محاولة يائسة لمنع تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، يلجأ النظام الجزائري إلى أسلوب المقايضة الاقتصادية، مستغلاً ثروات البلاد النفطية كورقة ضغط دبلوماسي. تعكس زيارات وفود الشركات الأمريكية العملاقة، مثل شيفرون وإكسون موبيل وأوكسايدنتال، إلى الجزائر وحفاوة استقبالها من قبل الرئيس تبون اهتمام النظام بتلميع صورته وشراء دعم واشنطن عبر عروض استثمارية مغرية في قطاع الطاقة والقطاعات الأخرى مثل الزراعة والصناعة. رغم هذه الجهود، التي تستهدف استمالة الإدارة الأمريكية وسط تصاعد الدعوات الأمريكية لتصنيف البوليساريو بسبب علاقاتها المشبوهة مع إيران وحزب الله، تبقى الحقيقة ثابتة: البوليساريو، بتمويل ودعم جزائري، تمثل تهديداً لاستقرار المنطقة وتسهم في زعزعة الأمن في الساحل، بينما يدفع الشعب الجزائري ثمناً باهظاً لهذه السياسات.
مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي حظي بدعم واسع من قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، يُعتبر الحل الأكثر عدالة وواقعية لإنهاء نزاع الصحراء. يؤمن هذا المقترح بإدارة محلية موسعة لسكان الصحراء تحت سيادة المغرب، ويحظى باعتراف وتأييد من قبل عدد من الدول والمجتمع الدولي باعتباره إطاراً ديمقراطياً يحترم حقوق الصحراويين ويحقق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
في المقابل، يرفض النظام العسكري الجزائري هذا الحل بعناد، مدفوعاً بخوفه من فقدان أداة سياسية أساسية للضغط والابتزاز. يعيش هذا النظام أزمة شرعية داخلية منذ الحراك الشعبي، ويراهن على استمرار النزاع لصرف الأنظار عن إخفاقاته في الإدارة، خاصة في ظل تفاقم البطالة والفوارق الاجتماعية داخل الجزائر. كما أن قبول الحكم الذاتي يعني خسارة ورقة جيوسياسية تستخدم لإضعاف المغرب، وتقويض شبكات الفساد التي ترتبط بمخيمات تندوف، مما يهدد هيمنة جنرالات النظام على السلطة.
جبهة البوليساريو، التي يروج لها النظام الجزائري زوراً كـ"حركة تحرر وطني"، ليست إلا واجهة هشة تخدم أطماع الجنرالات في الجزائر. هذه الجبهة التي تفتقر تماماً إلى أي شرعية شعبية أو قانونية، تعتمد بالكامل على الدعم المالي والعسكري الجزائري، بينما تتحول مخيمات تندوف إلى مرتع خصب للتهريب والفساد المستشري. النظام العسكري الجزائري يرفض تسليم إدارة هذه المخيمات للأمم المتحدة، مستغلاً البوليساريو كأداة لتأجيج النزاعات وزعزعة استقرار المغرب، متجاهلاً معاناة الصحراويين العالقين في دائرة العنف والقمع. وكشفت تقارير دولية، أبرزها تقرير البرلمان الأوروبي لعام 2023، عن انتهاكات جسيمة في تندوف تتراوح بين التعذيب وحرمان السكان من أبسط حقوقهم وحرياتهم، ورغم ذلك يواصل النظام الجزائري تغطية هذه الجرائم، متوهماً أنه بإمكانه إعادة عقارب الزمن إلى حقبة الحرب الباردة.
إصرار النظام العسكري الجزائري على دعم جبهة البوليساريو وإنكار الحقائق التاريخية والقانونية لمغربية الصحراء هو محاولة يائسة للهروب من مصير لا مفر منه. هذا النظام، الذي يعاني من أزمة شرعية حادة بعد فشله في الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي، يعتبر قضية الصحراء وسيلة لاستعادة تأييد الشعب وصرف الأنظار عن الفساد المستشري والبطالة التي تهدد مستقبل الشباب. ببقاء النزاع مفتوحًا، يحافظ الجنرالات على هيمنتهم على السلطة، مستغلين شبكات التهريب في تندوف والدعم المالي الضخم الموجه للإنفاق العسكري المفرط. لكن مهما طال العناد، تبقى الحقيقة ثابتة: الصحراء مغربية، والعالم يتجه بثبات نحو إغلاق هذا الملف نهائيًا، مما يترك النظام الجزائري وحيدًا في عزلته المتزايدة وخسائره المتكررة.
صمت المجتمع الدولي، ولا سيما بعض القوى الغربية، تجاه الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها الآلة العسكرية في الجزائر، من دعم الجماعات الانفصالية وانتهاك حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، يطرح تساؤلات جدية حول احترام المبادئ الدولية ومصداقية العدالة العالمية. تستغل الجزائر موقعها كمورد أساسي للطاقة لأوروبا في سياق الأزمة الأوكرانية، لتحاول شراء الوقت وكسب الدعم، متجاهلة التزاماتها القانونية والإنسانية تجاه سكان المخيمات. في المقابل، يغيب الضغط الدولي الحقيقي على النظام الجزائري لمواجهة ممارساته القمعية داخلياً، ولتبني موقف مسؤول وشفاف في إدارة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مما يعكس ازدواجية في المعايير تضعف من مكانة القانون الدولي. المغرب يؤمن بأن الحل المستدام والعادل يكمن في الحكم الذاتي داخل سيادته الوطنية، ويؤكد دعوته للمجتمع الدولي للعمل بروح الحكمة والمسؤولية لإنهاء هذا النزاع، مع تحميل الجزائر تبعات دعمها للانفصال ووقف كل أشكال التشويش على استقرار المنطقة.
وفي ظل هذه المعطيات، آن الأوان للشعب الجزائري أن يستعيد وعيه ويقود حساباته مع نظام يرهِن مستقبل الوطن لشبكات من النزاعات الجيوسياسية التي أثبتت فشلها وضررها. يظل ملف الصحراء المغربية قائماً على أسس تاريخية وقانونية ثابتة، لا تقبل المراوغة أو التناقض، وهو ليس سوى غطاء يخفي خلفه خللاً عميقاً في السياسات التي تقودها قيادة عاجزة عن تحقيق الاستقرار أو التنمية لشعبها. المجتمع الدولي مدعو اليوم، بحكمة وحزم، إلى تجاوز المواقف الانتقائية، ومساءلة النظام الجزائري عن دعمه المطلق للانفصال وزعزعة السلم في منطقة الساحل. أما المغرب، فبثباته الدبلوماسي وحرصه على التنمية الوطنية سيواصل دعم وحدته الترابية ويؤكد استعداده الدائم للحوار البناء، بينما يبقى النظام الجزائري محاصراً في مأزقه، غير قادر على مواجهة الحقيقة الراسخة: الصحراء مغربية، والمستقبل لمن يختار السلام والتنمية.
النظام العسكري الجزائري، الذي مارس على مدى عقود التلاعب بقضية الصحراء المغربية، يقف اليوم على حافة الانهيار. مع كل قنصلية تُفتتح في العيون والداخلة، ومع كل دعم دولي متزايد لمقترح الحكم الذاتي المغربي، يتلاشى وهم "الجمهورية الصحراوية" وتتكشف عزلة الجزائر على الساحة الدولية. حان الوقت للشعب الجزائري أن ينهض ضد جنرالات يرهنون ثروات البلاد ومستقبلها في نزاع خاسر، ويحاسبهم على جرائمهم في تندوف وعلى دعمهم للانفصالية التي تهدد استقرار المنطقة. أما المغرب، بثباته ودبلوماسيته المتفوقة، فيواصل سيره الواثق نحو إغلاق هذا الملف نهائياً، تاركاً النظام الجزائري يتخبط في أكاذيبه، عاجزًا عن مواجهة الحقيقة الثابتة؛ أن الصحراء مغربية، وأن التاريخ يُكتب دائماً للمنتصرين.



تعليقات الزوّار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس

اترك تعليقا

إقرأ أيضا