تأكيد السيادة المغربية... رسالة أمريكية صريحة عبر بوابة الأمم المتحدة

يُسجَّل تصريح مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط، كخطوة دبلوماسية استراتيجية بالغة الأهمية، تُرادف تأكيدًا أمريكيًا جديدًا وثابتًا على الموقف المبدئي للولايات المتحدة إزاء ملف قضية الصحراء المغربية. ففي أعقاب لقائه مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، شدد بولس على أن مبادرة الحكم الذاتي الجاد والواقعي في إطار السيادة المغربية هي "الأساس الوحيد" لحل عادل ودائم ومقبول من الأطراف كافة.
يُقرأ هذا التصريح كإعادة تثبيت لمسار الدعم الأمريكي الذي انطلق بقرار الاعتراف التاريخي لواشنطن عام 2020، والذي أكد على أن الصحراء هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي. إن التمسك الأمريكي بهذا الموقف، بغض النظر عن تغير الإدارات، يعكس قناعة دولية متزايدة بـمصداقية المقترح المغربي كونه الإطار الوحيد القادر على إنهاء النزاع المفتعل. ويُعزز هذا الثبات الثقة في الرؤية الملكية لحل هذا النزاع، القائمة على السيادة الوطنية الكاملة وتفويض الصلاحيات لسكان الأقاليم الجنوبية لإدارة شؤونهم.
إن الإعراب عن "السعادة بالبناء" على الحوار مع المبعوث الأممي يمثل دليلًا على التنسيق الاستراتيجي الفعال بين واشنطن والأمم المتحدة، وهو ما يخدم مصلحة الحلول الواقعية والعملية. ويُعد هذا الحوار فرصة لـتعزيز الموقف المغربي في الأروقة الدولية، حيث أن الإشارة الصريحة إلى أن الحكم الذاتي الجاد هو "السبيل الوحيد" للحل، يُمثل رفضًا ضمنيًا وقاطعًا للأطروحات الانفصالية العتيقة التي تروج لخيار الاستقلال أو التقسيم غير الواقعي. هذا التأكيد يُرسخ مبادرة الحكم الذاتي كإطار دولي موصى به، يراعي التوازنات الجيوسياسية ويضمن حقوق الساكنة.
يكتسب التطرق إلى تجديد ولاية بعثة "المينورسو" أهمية استراتيجية قصوى، خاصة وأن هذا التصريح يأتي قبل أسابيع قليلة من صياغة الولايات المتحدة لمشروع القرار السنوي لمجلس الأمن. هذا التوقيت يوحي بوجود ضغط أمريكي غير مباشر لـ"تكييف" مهام البعثة لتنسجم مع الواقع السياسي الجديد، الذي يقر بالديناميكية المغربية المتسارعة على الأرض وبالاعتراف الدولي المتنامي بسيادته. الرسالة هنا واضحة: يجب أن تتحول مهمة المينورسو من أداة لإطالة أمد الجدل إلى آلية لـتثبيت الاستقرار، بما يتماشى مع النجاحات المغربية في تحقيق التنمية الشاملة والأمن في أقاليمه الجنوبية.
إن تأكيد بولس على أن الحل المغربي كفيل بـ"تحقيق الازدهار والسلام والاستقرار للمنطقة" بأسرها، هو دعوة مباشرة ومسؤولة للجيران، وعلى رأسهم الجزائر، إلى الانخراط الفوري في مفاوضات جادة ومباشرة ودون شروط مسبقة. هذا التصريح يُجسد انتصارًا دبلوماسيًا للمغرب ويُسلط الضوء على قوة التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. كما يُشجع هذا الدعم على مواصلة المسار التنموي غير المسبوق في الصحراء المغربية، والذي يُعد أفضل دليل على التزام المملكة بإنهاء النزاع من خلال مشروع الحكم الذاتي، ويُعزز التفاؤل بأن قرار أكتوبر القادم قد يُرسخ نهائيًا المسار الأممي نحو الحل السياسي الواقعي والوحيد، مُفتحًا بذلك صفحة جديدة من التنمية المشتركة والاستقرار الإقليمي.
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس