إطلاق المرحلة الثانية من برنامج الإدماج الاقتصادي لفائدة شباب جهة كلميم واد نون

أعلنت مؤسسة محمد الخامس للتضامن عن إعطاء الانطلاقة الرسمية للمرحلة الثانية من برنامج الإدماج عن طريق الأنشطة الاقتصادية برسم سنة 2025، وذلك لفائدة الشباب حاملي المشاريع والمنحدرين من الفئات الاجتماعية الهشة بجهة كلميم واد نون.
وتأتي هذه المبادرة في إطار شراكة تجمع المؤسسة مع مجلس جهة كلميم واد نون والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، للفترة الممتدة ما بين 2024 و2026.
ويهدف البرنامج، وفق المعطيات الرسمية، إلى دعم ومواكبة الشباب والشابات من الفئات الاجتماعية المعوزة بأقاليم الجهة الأربعة: كلميم الطانطان اسا-الزاك وسيدي افني، عبر تمكينهم من خلق أو تطوير مشاريع مقاولاتية صغيرة جدا، أو أنشطة مدرة للدخل، بما يسهم في محاربة الفقر والبطالة وتعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لهذه الفئة. كما يولي البرنامج اهتماما خاصا بالشباب خريجي مراكز التكوين المهني، وحاملي مشاريع مقاولاتية ناشئة، إضافة إلى العاملين في القطاع غير المهيكل، الراغبين في الانتقال إلى أنشطة أكثر استقرارا وقابلية للاستمرار.
ويشمل الدعم الذي تقدمه مؤسسة محمد الخامس للتضامن تمويل اقتناء التجهيزات الأساسية اللازمة لإحداث أو تطوير المشاريع، باستثناء وسائل النقل، إلى جانب التكوين والمواكبة القبلية والبعدية، فضلا عن آليات التتبع والتقييم، وذلك بشراكة مع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.
غير أن المرور مباشرة إلى مرحلة جديدة دون تقييم شامل لنتائج المرحلة الأولى يثير تساؤلات حول مدى نجاعة هذا البرنامج في تقليص نسب البطالة والفقر بالمنطقة، خصوصا وأن جهة كلميم واد نون، التي تعد من أكثر الجهات معاناة من الهشاشة على المستوى الوطني، كانت في حاجة إلى وقفة تقييمية للتجربة السابقة، قصد الوقوف على النجاحات والإخفاقات قبل إطلاق المرحلة الثانية من التجربة.
وقد سبق ان نبهت فعاليات مدنية إلى أن مثل هذه المبادرات، في غياب دراسات معمقة وآليات شفافة لانتقاء المستفيدين، قد تتحول إلى مجرد تكرار لتجارب سابقة لم تحقق الأهداف المعلنة. وطالبت هذه الفعاليات بتوسيع قاعدة الشركاء لتشمل جمعيات تعنى بحماية المال العام والنزاهة ومحاربة الرشوة، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، إضافة إلى المهنيين من ذوي الخبرة الميدانية في مواكبة الشباب المقاولين
وتبقى التحديات المطروحة أمام البرنامج مرتبطة بمدى قدرته على تحويل هذه المبادرة إلى رافعة فعلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفقر والبطالة في المنطقة، خصوصا أن المؤشرات الإحصائية تعكس وضعا مقلقا. فوفق نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، بلغ معدل البطالة في الجهة 31.5%، وهو الأعلى على المستوى الوطني، ما يعكس هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وغياب فرص حقيقية للتشغيل والتنمية
هذا، ويعزو متتبعون هذه الوضعية إلى خلل في تدبير الأولويات الجهوية وضعف انعكاس البرامج المعلنة على الواقع المعيشي للسكان، إضافة إلى عوامل بنيوية أخرى مثل ضعف النمو الاقتصادي، واتساع رقعة الاقتصاد غير المهيكل، وتأثير موجات الجفاف على القطاع الفلاحي الذي يعد أحد الركائز الأساسية في اقتصاد المنطقة.
كما تسجل الجهة معدلات مرتفعة للهجرة غير النظامية، خاصة في صفوف الشباب، في ظل تراجع فرص العمل وغياب بدائل اقتصادية واجتماعية حقيقية، وهو ما يصفه الجميع بكونه انعكاسا مباشرا لحالة اليأس التي تطبع أوساط شريحة واسعة من شباب المنطقة.
وفي مواجهة هذه التحديات، يطالب العديد من الفاعلين المحليين بضرورة الانتقال من منطق الوعود والبرامج الظرفية إلى بلورة خطط ملموسة وعاجلة لإدماج الشباب في سوق الشغل، من خلال الاستثمار في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا والطاقات المتجددة والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بما يوفر فرصا جديدة للتشغيل ويعيد الأمل لفئة واسعة من الشباب.
وفي انتظار ما ستسفر عنه المرحلة الثانية من برنامج الإدماج الاقتصادي، يظل الرهان قائما على مدى قدرة هذه المبادرة على إحداث التغيير الملموس والانتقال من الشعارات إلى إنجازات عملية، تعزز التنمية الجهوية وتفتح آفاقا جديدة أمام شباب جهة كلميم واد نون.
صحفي متدرب|*
تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي سكوبريس